بعد متابعة حثيثة لمجريات الزيارة الهامة التي يقوم بها جو بايدن للمنطقة من نافذة مطبخ القرار في الولايات المتحدة تحط الطائرة الميمونة لجلالة الملك ارض الحجاز في جدة ليبدأ جدول زيارته في المملكة العربية السعودية وذلك للمشاركة في أعمال قمة جدة التي تنعقد تحت شعار الشراكة من أجل الأمن والتنمية.

المؤتمر الذي ينعقد وسط اجواء دافئة نسبيا وذلك لتعدد مشارب التوجهات بين المشاركين فيه وتقاطع مسارات المصالح بين اعضائه وإن كانت ارضية المؤتمر اخذت ما تتوافق حول عناوين مشتركة في مجالات الامن والتنميه لكنها تختلف حول كيفية التعاطي مع اسقاطات التجاذبات الأمريكية --الروسية وكيفية التعامل مع الملف الايراني في ظل تباين الاراء ومسارات الاتجاه حول هذا الملف ان كان سيكون من البوابة الدبلوماسية او من الآلة العسكرية بعد ما تم التوقيع على اعلان القدس في اسرائيل التي نالت جائزة الترضية قبل انعقاد المؤتمر عبر صفقة تيران وصنافير الامنية مع اعلان الرياض كامل التزامها باتفاقية شيكاغو للطيران المدني.

مؤتمر جدة سيناقش ايضا قضايا تنموية لها علاقة في الطاقة النظيفة والتغير المناخي كما البترول واسعاره في ظل الارتفاع
الكبير الذي تشهده ارتفاع المشتقات البترولية في ظل التزام اوبك بلص ببرنامج التصدير المتفق عليه والذي ينتهي مع نهاية هذا الشهر وهو ما يعول عليه زيادة في معدلات الانتاج بما يجعل الاسعار النفطية تعود لطبيعتها السابقة الامر الذي سيخفض ميزان الاسعار ويبعد العالم من الدخول في كارثة جديدة عنوانها الركود التضخمي لما يمكن ان يشكله ذلك من انعكاسات خطيرة.

الولايات المتحدة التي تعود متأخرة لمنطقة الشرق الاوسط بعد القرار الذي كانت اتخذته الادارة الامريكية السابقة للخروج منه وذلك لكلفته السياسية الباهضة كادت ان تخسر هذه المنطقة بدخول روسيا والصين اليها لولا مسألة الاستدراك التي استجاب فيها الرئيس جو بايدن لجلالة الملك بضرورة العودة للمنطقة لما تشكله من اهمية ومكانة وذلك بعد اللقاءات العديدة التي اجراها جلالة الملك مع الادارة الامريكية مع كل من جيك سولفان وبلنكن ووليم بيرنز ورئيسة البرلمان نانسي بوليسي وهو ما بينه الرئيس جو بايدن في مقالته في واشنطن بوست قبل زيارته للمنطقة.

خروج الولايات المتحدة من المنطقة خلف واقعا جديدا يستوجب قراءته مع وجود علاقة عضوية تجمع السعودية وروسيا في اوبك بلص وهو ما يجعلهم ضمن فريق واحد بمصالح مشتركة وهذا ينطبق على الحالة في ابوظبي مع حركة انتقال الاموال الروسية من سويسرا التي قدرت بأكثر من ثلاثين مليار بعد موقف جنيف المنحاز للاتحاد الاوروبي من الحرب في اوكرانيا وكما ان هنالك علاقة عضوية عراقية ايرانية مؤيدة روسيا في الجانب الاخر هذا اضافة الى العلاقات المصرية الروسية والتعاون المشترك في الجوانب الاستثماري.

وهو ما يجعل من ميزان الضوابط والموازين ليس بما تشتهى سفن الولايات المتحدة واهواءها في المنطقة لكنه من المفترض أن يجعلها تعيد حساباتها تجاه المنطقة وقضاياها وهنا اتحدث عن القضايا الجوهرية اولا وسياسية الكيل بمكيالين فان المنطقة تغيرت وهي قادرة على ادارة شؤنها وحماية موجوداتها وتشكيل تحالفات جديدة وهو متغير جوهري يستوجب قراءته بموضوعية ومن زاوية صحيحة.

جلالة الملك الذي يعتبر احد اقطاب الدبلوماسية العالمية يعول الجميع على حضوره في جدة من اجل التخفيف من واقع التجاذبات الاقليمية وذلك من خلال تحديد بوصلة الاتجاه ووضع عناوين ذات مشروعية تقلبها مجتمعات المنطقة بما يعيد الجميع الى سياسية الحوار المفضي لتشكيل جمل سياسية تسهم في حلحلة عقدة النزاع المركزي التي اساسها القضية الفلسطينية وتشكل مناخات من السلم الاقليمي بين هذه المنطقة وجوارها بحيث تكون قائمة على الاحترام المتبادل وعاملة على تعزيز مناخات الامن والتنمية وهو عنوان حضور جلالة الملك في جدة.