جاء حوار رئيس الوزراء بشر الخصاونة مع "البي بي سي" قبل أيام ليشير بوضوح إلى توازن السياسة الأردنية إزاء الملفات في المنطقة، وحرص الأردن الدائم على تمتين علاقاته بأشقائه العرب والوقوف إلى جانبهم في مختلف الظروف، ويأتي حديث الرئيس ليعكس الرؤية الملكية لعلاقات المملكة مع أشقائها العرب خصوصا السعودية وباقي الأشقاء في دول الخليج ومصر وكل العرب، وحينما تحدث رئيس الوزراء في الملف الإيراني أبرز بوضوح عقلانية السياسة الأردنية ، حيث قال إن إيران من الممكن أن يتم تقبلها من قبل الدول العربية وأن الأردن لم يعتبرها يوما عدوا، ولكن عليها تحقيق الشروط الواجب تنفيذها ليتم ذلك وأن تعمل جاهدة في سبيل تحقيق حسن الجوار بينها وبين الدول العربية والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول خصوصا الخليجية منها، حتى يتم تقبلها في العقل العربي والاطمئنان لجوارها .
وبهذا أكد الرئيس الخصاونه أن الأردن بتاريخه الطويل يبرز كركن أساسي في الاعتدال والعقلانية السياسية على المستوى العربي والدولي، تعكس هذا الوضع دبلوماسية الملك الفاعلة والتي يترجمها رئيس الوزراء والحكومة بشكل جلي .
في الجانب الداخلي كانت صراحة الرئيس كالعادة ماثلة حين أجاب على سؤال تراجع ثقة الناس بالحكومة، حيث حلل هذه الظاهرة بجرأة وحلل بأنها لا تتعلق بحكومته فقط بل إن تراجع ثقة المواطن لاحقت كذلك الحكومات السابقة وأن حكومته جاءت بظرف استثنائي تاريخي كما ذكر الملك في كتاب التكليف السامي، وأن هذه الإستثنائية كانت على كل المستويات خصوصا الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمعقدة نتيجة ارتدادات وباء كورونا التي اجتاحت العالم إضافة إلى الظروف السياسية المضطربة في العالم والمنطقة والتي أضيف عليها مؤخرا الحرب الروسية الأوكرانية .
أكد الرئيس صراحته مرة أخرى عندما أقر بشجاعة بتراجع مشاركة الأردنيين بالحياة السياسية، ولكنه كان متفائلا بالمستقبل عندما تتحول التشريعات الأخيرة والتي كان للحكومة الفضل الكبير بانسيابها بين السلطة التتفيذية والتشريعية ويبدأ تنفيذها على أرض الواقع كقانون الإنتخاب وقانون الأحزاب، ساعتها سيدرك الناس وخصوصا الشباب أن عليهم واجب وطني في المشاركة ليكونوا شركاء في صناعة الوطن .
الراسخ في الأذهان أن الرئيس الخصاونة منذ اليوم الأول لتشكيل حكومته كان قراره الابتعاد عن الشعبوية والتركيز على الاشتباك مع مصالح الأردنيين حتى وإن جاءت بعض الإجراءات مؤلمة له ولحكومته قبل الناس، ولكنها ستؤدي حتما إلى تحقيق المصلحة الوطنية في المستقبل، وهذا يؤكد فروسية الرئيس حين فتح جميع الملفات الصعبة والمؤجلة ليحقق المصلحة العامة في إصلاح الاقتصاد ليتجاوز هذا الاقتصاد الوضع الصعب الذي يعاني منه وبذلك تستوي الأمور.
جاء الحوار أعلاه ليؤكد أن الحكومة ماضية في برنامجها الذي وضعه لها كتاب التكليف السامي دون النظر إلى الصعوبات والشعبويات التي مل خلفت إلى الخسارة وضياع الوقت.