إذا كان لزيارة بايدن إلى المنطقة عنوان كاشف, فهو حماية الأمن القومي للكيان الصهيوني, لما في ذلك من أثر على الأصوات الأميركية لصالح حزبه في الانتخابات النصفية القادمة التي يعاني فيها الحزب الديمقراطي - حزب الرئيس - من تراجع في شعبيته بعد ان ضرب فيروس ترامب النظام الاميركي بكليته, فما تقوله استطلاعات الرأي الاميركية مرعب, وتحديداً في توجه جيل الشباب الاميركي الى دعم الكيان الصهيوني بنسبة عالية, عكس كثير من التوقعات السائدة في عالمنا العربي, فالجيل الاميركي الجديد منحاز كما كشف الاستطلاع الأخير, وبالتالي استجاب بايدن الى هذا التنامي واقلع نحو مطار بن غوريون, ومنه سيكمل جولته الى السعودية, التي ستشهد قمة عربية مصغرة, لن تختلف مطالبها عن الحاجة الأميركية الداخلية, فكما قلنا أمس, السياسة الخارجية تعبير عن حاجة داخلية.
حماية امن الكيان الصهيوني, هي العنوان, والخطر بالضرورة هو ايران, التي تسعى الى تحقيق توازن في ميزان القوى في المنطقة, بسعيها لامتلاك سلاح نووي, وهذا السعي يحقق الرعب للكيان الصهيوني, بوصفه الوحيد الذي يمتلك سلاحا نوويا في الاقليم, وثمة رأي موازٍ للرأي الأميركي الرافض لحصول توازن في المنطقة تقوده اوروبا, التي تعتقد ان حصول توازن في المنطقة اكثر نفعا للاستقرار, كما حدث في الهند وباكستان, لكن السطوة الأميركية تمنع هذا الرأي من النفاذ, وهنا يبرز السؤال الاعمق, لماذا يقلق العرب من سلاح ايران النووي طالما انه يشكل استقرارا للمنطقة على البعد الاستراتيجي,؟ كما يقول الدكتور زيد عيادات الخبير في الشأن الاستراتيجي.
هنا تكمن اهمية مقابلة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة مع قناة بي بي سي, حيث اجاب الرئيس بعمق وتوازن تحتاجه اللحظة العربية والحالة الاردنية, قبل قمة بايدن, فايران ليست عدواً لدول المنطقة, لكنها تحتاج الى تغيير سلوكها في المنطقة, بارسال اشارات تطمين الى دولها, وتحديدا السعودية وببعض دول الخليج, فالخليج العربي ودوله جزء لا يتجزأ من الامن القومي الاردني, والعبث في عواصم عربية من بوابة الشحن المذهبي وسلوك تصدير الثورة بنسخة مذهبية, ضار بالاقليم العربي, وشاحن سلبي للاوضاع الداخلية في كثير من الدول العربية, فاذا كان الملف الايراني النووي طموحاً مشروعاً لايران, فإن ادوات تنفيذه ليست بالعبث في الاستقرار في المنطقة العربية, او بالدم العربي بوضوح شديد.
الخصاونة حسم زاوية النظر, بأن الازمة مع ايران ليست ازمة مع دولة عدوة, بل مع دولة متحرشة, لا يمكن الصمت على تحرشاتها الخشنة, وعبثها في الاستقرار لدول عربية, وقد اعلن وزير الخارجية الايراني علنا ان بلاده تسيطر على اربع عواصم عربية, حتى لا يتحرك اصحاب الرؤوس الحامية, من المناصرين للسلوك الايراني, على قاعدة النكاية ببلدانهم, او على قاعدة تأزيم الداخل نكاية بالطهارة, فسلوك ايران الداخلي لا يقترب من الديمقراطية او مفهوم المواطنة الشامل, لا من قريب ولا من بعيد, فهي تحكم عبر نظام شمولي لا يقل سوءا عن اي نظام شمولي عرفته المنطقة والعالم.
الاردن يذهب الى قمة جدة مع الرئيس بايدن, مسبوقا بتصريحات متوازنة, من الملك ووزير الخارجية وختمها رئيس الوزراء, وكلها تقول ان الاردن لن يتخلى عن سلوكه المتوازن في القضايا الاقليمية, ولن يكون طرفا في صراع اقليمي, لا يحقق مصالحه الوطنية وبالطبع فإن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو جزء رئيس من الامن الوطني الاردني.
(الراي)