على عهدة وزراء سابقين فقد كان يتم فيما مضى انشاء هيئات مستقلة وبمسميات غاية في الفخامة لمجرد ايجاد فرصة عمل مناسبة لاحد المحاسيب حتى اضحت الهيئات المستقلة مرضا سرطانيا آذى الادارة الرسمية واهلك مقدرات الموازنات العامة وها هي لحظة الحقيقة اتت حاملة خيارا لا محيد عنه وهو الغاء ودمج العديد من تلك المؤسسات انقاذا للادارة وانتشالا للموازنة المرهقة من فرط الانفاق غير المبرر.

حسنا فعلت الحكومة في هذا المضمار اذ انهت (دمجا او الغاء) عشرات الهيئات غير المجدية بقرار وزاري وهو القرار الذي كان ينبغي ان تتخذه حكومات سابقة قبل ان يستشري المرض الاداري وقبل ان تتكبد الموازنة العامة انفاقا لا مبرر له.

في تقديري ان قرارا كهذا يمثل في محصلته اعلان فشل وافلاس مدرسة في الادارة الاقتصادية والسياسية والعودة الى مفاهيم دستورية مستقرة تتصل في ان تقوم الوزارات بادارة شؤون الدولة قطاعيا دون وساطة هيئات ومؤسسات لا اب لها سوى الفساد والمحسوبية والعبث في كثير من الاحوال.

هذا الاعلان عن فشل تلك المدرسة لا ينبغي له ان يمر دون مراجعة وتقييم تفضي الى الاستفادة من الدروس المرة في العبث بالادارة الاردنية العامة التي استقرت ونضجت واضحت محط فخر الاردنيين.

المحاسبة التي اتحدث عنها لا تتضمن فقط استخلاص الدروس من الاخطاء والخطايا التي ارتكبت بل ولا بد من اعادة قراءة النهج السياسي الذي افضى الى التوسع في هذا المجال وبالتالي طي صفحة هذه المدرسة والى الأبد إذ ان المجرب لا يجرب.

وهنا نسأل من يدلنا على الجهة التي قدرت ما كانت انفقت تلك المؤسسات المستقلة من اموال وهل كان انفاق تلك الملايين مجديا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وكم كان اثرها (سلباً او ايجابا) على مسيرة التطوير ككل.

ربما تكون دوافع الحكومة لانهاء هذه الفوضى الادارية مالية صرفة تتصل في ضبط الانفاق وهو مبرر وجيه ومقبول بل ومطلوب بذاته، غير ان هذا الموقف المفترض يبقى مجزوءاً ما لم يتسلح برؤية تتصل في استعادة ولاية الوزارات على القطاعات كافة دون وساطة الهيئات ففي هذا الامر استعادة لفكرة الولاية الادارية العامة للحكومة على الفضاء الاداري والاقتصادي الرسمي داخل الدولة وهو مطلب كان ينظر له حتى وقت قريب بانه ضرب من التخلف والرجعية.

مرة اخرى حسنا فعلت الحكومة في هذا الاطار ولا بد من ان تلقى التأييد من لدن كل الذين وجهوا سهام نقدهم للتوسع في إنشاء الهيئات المستقلة.

Sami.z@alrai.com

الرأي