ارتباط البحث العلمي بالامن القومي .. ضرورة ملحة
د.صفاء شويحات
13-07-2022 02:07 PM
اتسع مفهوم الأمن القومي في العهود الاخيرة لينطلق من دائرة الابعاد الاستراتيجية والعسكرية التي تتعلق بالتصدي للتهديد الموجه لدولة ما وبالطرق الفعالة لمواجهته، ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع. اضافة الى جوانب القدرة على إنتاج المعرفة بطرق علمية بحثية وتوظيفها بما يخدم المصلحة العامة للدولة والمجتمع والمواطن. حيث أكد روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الامريكي الاسبق أن الأمن القومي هو التنمية ذاتها، بمعنى ان الأمن القومي يشمل قدرة المجتمع على مواجهة ضروب التهديد التي يتعرض لها داخلياً وخارجياً فالاستقرار السياسي ونوعية التماسك الاجتماعي وغياب الصراع الثقافي واطراد معدلات التنمية كلها مفاهيم تنطوي تحت مظلة الامن القومي.
بعض المجتمعات في دول العالم الثالث تمتلك حضارة عريقة، وبسبب عوامل شتى لم تأخذ بأسباب التقدم ومرتكزاته القائمة على البحث العلمي والتكنولوجيا والتي برزت في الدول الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، التي قامت بالثورة الفريدة في تاريخ تقدم المجتمع الانساني، حيث اتسمت بأن أصبح العلم عنصراً أساسياً من عناصر الانتاج بالإضافة الى عناصر رأس المال و العمالة والموارد الطبيعية . فالمعروف أنه كلما تقدم البحث العلمي في بلد ما ارتفعت معدلات التنمية فيه وهذا من شانه أن يصب في قوة الدولة بالمعنى الشامل وينعكس أيضاً على نوعية حياة المواطنين.
إن غياب سياسة قوية للعلم في العلم العربي أدى إلى غياب الدور الحاسم للعلم والتكنولوجيا في تحقيق الامن القومي والاعتماد الكلي على استيراد التكنولوجيا من الخارج والالتزام بالشروط التي تفرضها مراكز التصدير وهي غالباً من الغرب، حيث تفرض شروط مالية وتقنية وسياسية في بعض الأحيان تؤدي الى الاجحاف الشديد بحقوق دول العالم الثالث، وتؤدي أيضاً إلى زيادة متصاعدة لفاتورة نقل التكنولوجيا، وبالتالي اضعاف قوى البحث العلمي والقوى التكنولوجية الوطنية الحية، وعدم دعمها وتشجيعها، والانصراف حتى عن تطبيق نتائج البحوث الوطنية، واهدار الاختراعات الوطنية المسجلة والتي ثبت فائدتها، وعدم تمويل تصنيعها، وبالتالي تحطيم لمؤسسات البحث العلمي الوطنية والحيلولة دون ابتداع تكنولوجيا وطنية او تكييف تكنولوجيا مستوردة مما ادى فتح الاستيراد على مصراعيه. لذا فالربط بين البحث العلمي والأمن القومي بات ضرورة ملحة في دول العالم النامي وخاصة العالم العربي . مما يتطلب اتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل الحق في البحث العلمي، و التواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية، لغايات مساعدة الدول النامية، وتركيز الأولوية للبحث العلمي في مكافحة الفقر والمرض وإشاعة التعليم. والتذكير بضرورات التعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر، استنادا إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
* الجامعة الالمانية الاردنية