الوكالات الشخصية العامة والخاصة
م.سميح جبرين
13-07-2022 01:05 PM
نضطر في كثير من الأحيان ولكثير من الأسباب وأهمها السفر خارج البلد، أن نقوم بإصدار وكالة عامة أو خاصة، نوكّل من خلالها أشخاص نثق بهم، لينوبوا عنا في تسير أمور معاملاتنا الرسمية في الدوائر الحكومية أو في البنوك.
وهنا لا بد من التفريق ما بين الوكالات الصادرة من مكاتب كتّاب العدل داخل الدولة، وبين وكالات صادرة من خارج الدولة الأردنية.
ما يهمني هنا الوكالات الصادرة من داخل الدولة الأردنية، حيث يقوم الشخص الذي يرغب بتحرير وكالة سواء كانت عامة أو خاصة بالتوجه لدائرة كتّاب العدل داخل المحاكم الأردنية ويرافقه الشخص الذي ينوي توكيله ويقفوا الإثنين أمام حضرة كاتب العدل الذي يتحقق من هوياتهم ليقوم بقراءة الوكالة على مسامع الموكل، ويحذره ويتأكد منه بأنه مدرك لما ورد بالوكالة من تفويض يمنحه للموكل إليه، وبعد ذلك يتم دفع الرسوم اللازمة لإصدار الوكالة ليقوم كاتب العدل بالتوقيع عليها وختمها بالخاتم الرسمي وتسليمها للموكل بعد أن يتم توثيقها ورقياً والكترونياً، وبهذا يكون كاتب العدل قد قام بالواجب المناط به وهو مرتاح الضمير ولا يتحمل أي وزر قد ينجم عن سوء استخدام هذه الوكالة من جهة الشخص الموكل إليه.
نأتي الآن للمعاناة التي يواجهها الشخص الموكل إليه، فعندما يقوم الشخص الموكل بطلب إجراء أي معاملة رسمية كإصدار دفتر عائلة أو شهادة ميلاد أو زواج، يقوم الموكل إليه بالتوجه لدائرة الأحوال المدنية لإنجاز المهمة فيتلقى "الصفعة" الأولى من موظفي دائرة الأحوال، حيث يخبروه بأن الوكالة العامة غير صالحة لإصدار أي وثيقة من دائرة الأحوال المدنية، والمطلوب هو وكالة خاصة محددة بطلب واحد فقط كإصدار دفتر عائلة أو شهادة ميلاد، وهذا يعني أن كل وثيقة تصدر عن دائرة الأحوال المدنية تحتاج لوكالة خاصة لهذا الخصوص.
السؤال هنا، ما الفائدة من الوكالة العامة التي يتم اصدارها من المحاكم الأردنية طالما لا يتم اعتمادها حتى لأبسط الأمور؟.
ونسأل أيضا، هل يدرك المسؤول الذي أصدر تعليمات بعدم اعتماد الوكالات العامة في تنفيذ الكثير من المعاملات حتى لو كانت هذه المعاملة إصدار دفتر عائلة، وهل يدرك هذا المسؤول حجم المعاناة والتكلفة المادية وهدر الوقت لموكل يقيم خارج الأردن؟ ، فالموكل المقيم في أمريكا مثلاً ومن أجل إصدار وكالة خاصة يحتاج للسفر من الولاية التي يقيم بها إلى واشنطن العاصمة، حيث مقر السفارة الأردنية ليقوم بتحرير وتصديق وكالة خاصة تكبده خسائر فادحة من تكاليف سفر وإقامة بالفنادق ورسوم تدفع للسفارة، وبعد ذلك تصديقها من الخارجية الأمريكية وعند وصولها للأردن مطلوب تصديقها من الخارجية الأردنية ووزارة العدل، وكل ذلك من أجل إصدار شهادة ميلاد أو شهادة زواج أو أية وثيقة من دائرة الأحوال المدنية والتي لا تتعدى رسومها الدينار أو دينارين .
يا رئيس الوزراء ويا وزير الداخلية ويا وزير العدل، ندرك حرصكم علينا وعلى أموالنا وممتلكاتنا وأعمالنا، ولكن هذا الحرص بهذا الشكل هو حرص قاهر وقاتل ويرتقي لمرتبة الوصاية حتى على عقولنا وخصوصياتنا .
فمالكم أنتم إن أراد شخص وبكامل قواه العقلية وأمام محاكمكم وكتّاب عدلكم، أن يعطي شخص وكالة عامة لينوب عنه ويمثله تمثيلاً كاملاً بكل ما جاء بنص الوكالة العامة، فليتحمل هو المسؤولية الكاملة حتى لو كنتم تدركون أن بعض ما جاء بنص الوكالة يحمل شيء من الخطورة أو الغباء، فكما نعلم وتعلمون أنتم أيضاً بأن القانون لا يحمي المغفلين.
أخيراً نقول، يجب أن تعود للوكالة العامة مكانتها ومفعولها كما أوصى بها الموكل، وأن ننتهي من مهزلة الوكالة الخاصة عند كل صغيرة وكبيرة، وهذا في حال كان هناك وكالة عامة تنص على ما هو مطلوب من الوكالة الخاصة.