نحو ائتلاف الأحزاب السياسية ..
د.أسمهان ماجد الطاهر
13-07-2022 01:01 PM
لقد بدأت في الأردن، أولى خطوات العمل بالرؤية الملكية الاهتمام بالأحزاب، وتشجيع الشباب على الانضمام إلى العمل الحزبي، من خلال قانون جديد لتنظيم عملية تشكيل الأحزاب السياسية. وبمجرد صدور القانون الجديد، انتشرت حمى تشكيل الأحزاب بزخم كبير، وشاع انتقاد مفاده بأن معظم هذه الأحزاب لا تمتلك برامج عمل حزبية واضحة المعالم. في قناعتي الشخصية، العمل الحزبي، هو توفير برنامج سياسي وطني حقيقي.
وزيادة أعداد الأحزاب السياسية حتما ستكون على حساب النوعية، وبالتالي لا بد من عمل ائتلاف حزبي، لأن ذلك ضرورة وليس ترفًا فِكْرِيًّا.
إن تقليص الكثرة من خلال عمل ائتلاف بين عدد من الأحزاب هو ما يضمن توحيد الجهود وحشد القوى السياسية والاقتصادية والمالية ، وذلك كفيل بأن يخلق أحزاب ذات برامج وطنية شاملة تملك قوة تأثير ، في تشكيل البرلمان وفي السياسات الحكومة، وهي خطوة مهمة لكسب ثقة الرأي العام.
فالمفروض أن الحزب السياسي هو مجموعة من الأشخاص ذوي المصالح المشتركة الذين ينظمون أنفسهم للفوز بالانتخابات، وكسب قوة التأثير على سياسات الحكومة.
وبالتالي يفترض أن تقوم الأحزاب السياسية بتسمية عدد من المرشحين للمشاركة في الانتخابات النيابية، ودعم هؤلاء الأعضاء حتى يتم انتخابهم.
كما تقع على الأحزاب مسؤولية تمكين بعض الأعضاء لشغل مناصب في الحكومة أيضا.
وعادة تحاول الأحزاب التنافس للحصول على الأغلبية في الحكومة. وفي ضوء الحديث عن الأحزاب علينا الإجابة على التساؤلات حول ما يجري في الأردن في إطار العمل الحزبي. هل حقا تعمل الأحزاب السياسية والمسؤولين المنتخبين بها حاليا بالفعل على تشكيل الرأي العام؟
وما مدى اتباع الناس لقيادة الحزب الذين هم أعضاء به؟ وهل هناك لغة مشتركة سائدة بين الشعب والحزبين تضمن تشكيل مواقف الناس!
وهل آراء الناس في المناقشات السياسية تتبع آراء حزب سياسي يؤيدونه؟
وهل هناك أحزاب قوية لها تأثير على النقابات المهنية!
وهل الأحزاب الجديدة في الأردن قادرة على الاستقطاب، المتنوع الذي يمثل كل الفئات الاجتماعية والاقتصادية؟
تلك أسئلة كلاسيكية، ولكن الإجابة عليها بوضوح وصدق ضروري لأي شخص مهتم بالسياسة والتغيير الاجتماعي. فالأحزاب السياسية قد تكون جزءا من المشكلة، أو جزء من الحل.
من الصعب توفير نظام سياسي ديمقراطي مستقر يمكن الوثوق به ويستجيب لاحتياجات الشعب، دون وضع مخطط واضح لماهية برامج الأحزاب وآليات عملها وفق الظروف التاريخية والجغرافية والديموغرافية المحددة للمجتمع الأردني.
لضمان أن يكون للحزب دور يذكر ويمكن البناء عليه في خطوات قادمة في اتجاه تشكيل حكومة برلمانية، لابد من حوار شامل يتم فيه تشكيل الإطار السياسي المؤسسي للأحزاب، من خلال شرح وتوضيح بنود القانون الجديد، بهدف تطوير الثقة للانضمام للأحزاب. وهي عملية مستمرة، واستجابة منطقية لتطور المجتمعات والتقنيات الحديثة.
أن نشر ثقافة الأحزاب كوسيلة رئيسية للتمثيل السياسي، وأداة لتنظيم عمل الحكومة، يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع التنمية الاجتماعية، معتمدا على تضافر الجهود لنشطاء الحزب وجميع المواطنين.
لابد من تجميع المصالح المشتركة للأحزاب من خلال عمل ائتلاف، يحتوي على سياسات وخيارات يمكن طرحها للناخبين على أن تكون سهلة الفهم. فالأحزاب السياسية تلعب دورًا رَئِيسِيًّا في نقل القيم السياسية والثقافية، من جيل إلى جيل، وهو أمر حيوي لاستقرار الدولة وتطورها المنظم.
وعند تشكيل الحزب لابد من جمع عدد من المواطنين ممثل لجميع فئات الشعب الناشطين والمشرعين، والهيئات والمؤسسات الأهلية، والاتحادات النسائية، والأندية الرياضية، والتعاونيات، والجامعات، والجمعيات الثقافية والاجتماعية، والنقابات العمالية.
وبذلك فقط يتجلى العمل الحزبي، وقد يحقق غرضه في توفير تمثيل سياسي مؤثر: فلا يمكن لأي حزب أقل تنوعًا إن يدعي التحدث نيابة عن المجتمع أو الأمة.
الحزب السياسي، يجب أن يكون متنوعا وذو برنامج واضح ليتقن فن التعامل مع جميع الأطراف، مع إدراك دقيق بأن كسب ثقة الناس معادلة صعبة، وفن يحتاج جهدا وصبرا، ولن يستمر حزب وينجح دون أن يتقن ذلك الفن.
aaltaher @ aut. edu jo