ها هو ذا العالم يتصدع تحت ضغط الأسعار التي تكاد تعصف بحكومات عجزت عن الحلول.
كنا نبهنا قبل أكثر من عام وعبر هذا العمود من جائحة ستعقب كورونا وهي التضخم الجامح وقد وقع ما كان متوقعاً عقب انسحاب وباء كورونا لكن ما زاد ناره لهيباً هي الحرب الروسية في أوكرانيا.
يسجل للحكومة وقد كان الملك قبلها منتبها إلى تعزيز المخزون الاستراتيجي خصوصاً من القمح لكبح جماح الأسعار.. لكن إلى متى؟.
أكاد أقول أن الأسعار صمدت وهي في ارتفاعاتها لا تصل إلى ما يشهده العالم لكن إلى حين وهذا الحين لن يكون بعيداً.
علينا أن نتأهب ونتحوط وننظم سلة استهلاكنا فأدوات الحكومة محدودة، وهي لن تستطيع تخصيص ما لا تملك من مال لتحصين الأسر من غول الأسعار القادمة لا محالة.
في الاحصاءات ارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك «التضخم» في الربع الأول من العام الحالي، بنسبة 2.29 بالمئة، ليبلغ 104.11 مقابل 101.78لنفس الشهر من العام الماضي.
نحن بانتظار مؤشرات النصف الأول.. وهو بالتاكيد سيشهد قفزة مع ارتفاع أسعار المحروقات ومواد غذائية أساسية اخرى ومعها كثير من الخدمات.
طبعاً أمد التضخم الجامح ليس مرتبطاً بأمد الحرب الروسية الأوكرانية، وإن كان انتهائها بلا شك سيخفف الضغوط لكن ما هو ثابت أن العالم قرية صغيرة ليس بفضل التكنولوجيا بل لارتباط أسواق المال ونوافذ التمويل وأسواق السندات والسلع.
لم يستيقظ الاقتصاد العالمي من تداعيات أزمة كورونا وكانت التوقعات تشير إلى بدء التعافي، لكن هذه التوقعات لم تكد تلتقط أنفاسها، فجاءت الحرب لتستبدل توقعات النمو بالتضخم الذي سيأكل أول الآثار السريعة ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية واتجاهات فرض تكاليف باهظة على الإمدادات سواء تكاليف الشحن أو التأمين.
الحرب أصابت أهم أسواق صادرات القمح وما زال العالم لم يستدل على طريقة تضمن انسياب الامدادات فبحسب الأرقام تساهم روسيا وأوكرانيا سنوياً بأكثر من ربع الصادرات العالمية من القمح، أي بنحو 55 مليون طن..
وحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» فإن القسم الأكبر منها يتم شحنه عبر البحر الأسود إلى مختلف الوجهات وعلى رأسها الدول العربية، وهي في مقدمة دول العالم استيراداً للقمح الروسي والأوكراني.
منذ وقت ونحن نشد على تأهيل قطاع الزراعة ودعمه لأن الاعتماد على الذات هو البديل الموضوعي في تأمين الغذاء وضمان استقرار الأسعار، لكن الدول المستوردة ما زال أمامها وقت طويل.
.. فالتضخم الجامح سيأكل ثمار النمو وبلا شك الدول المستوردة للطاقة والغاز ستكون الأكثر تضرراً فالضربة مزدوجة، تكاليف باهظة للطاقة المستوردة وتضخم سيزيد الأوضاع الاقتصادية سوءاً والظروف الضاغطة ضراوة.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي