يبدو جليا أن استراتيجيتنا السياسية الإقليمية، بحاجة ملحة إلى مراجعة شاملة ومعمقة، بحيث تكون مصالحنا الوطنية وفي ابعادها الراهنة والمستقبلية، هي البوصلة الوحيدة لبناء نهج سياسي إقليمي جديد.
مناسبة هذا الكلام هي أن جميع الدول الشقيقة، تتصرف وفقا لبوصلة مصالحها، فهي وحتى المتأثرة مباشرة من السياسة الإقليمية الإيرانية، تتحدث مع إيران علنا وسرا، وهذا شأن يخصها، ولها ان تفعل ما ترى انه يخدم مصالحها، وليس لنا ولا لغيرنا حق التدخل.
وعليه، فإن مركز القرار في بلدنا، يصنع خيرا وفي الاتجاه الصحيح، إذا ما فتح خط اتصال علني مباشر مع إيران الموجودة في جوارنا بسورية والعراق ولبنان، للحديث في سبل بناء علاقات أردنية إيرانية طبيعية قوامها الاحترام المتبادل، مع ما ينطوي عليه ذلك من إجراءات تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية على نحو متبادل.
الخصام العلني الإيراني الإسرائيلي، امر لا يخصنا، بل يخص إسرائيل وحدها، والنووي الإيراني يقابله نووي إسرائيلي موجود على مقربة منا ومن كل العرب منذ تأسس الكيان المحتل لكل فلسطين.
أميركا تاريخيا، ليست معنية بأحد سوى الكيان الإسرائيلي، ولا شأن لها بغيرها دولا وأنظمة على حد سواء.
الأردن كان الوحيد الذي حذر العرب من التمدد الإيراني منذ عهد الملك الراحل الحسين رحمه الله، ولم يأبه احد، وصرنا نحن وحدنا كما لو كنا خصوم إيران التي سيأتي بايدن قريبا لحشد تعاون ضدها دعما لإسرائيل لا لغيرها، ولا شأن له باحتلالها لفلسطين الجاثم منذ 74 سنة، ولا بمقدساتنا المستباحة ولا بقدسنا التي منحها ترامب هدية للكيان كما لو كانت من تركة الوالد.
العرب اليوم كل يبحث عن مصالحه وحده، وامريكا وسائر دول العالم تبحث كل منها عن مصالحها وحدها.
صار لزاما حماية للأردن ووجوده وهويته، ودفاعا عن فلسطين وحقوق شعبها الشقيق، أن نبني سياساتنا الإقليمية والدولية، بما يخدم هذين الثابتين فقط.
مشاعر شعبنا القادر بعد قدرة الله تعالى على حماية الأردن والانتصار لفلسطين، تصب كلها ومن دون لبس في حتمية ان نكون متبوعين لا تابعين لأي كان، مهما واجهنا من متاعب.
لنتحدث مع إيران وعلى رؤوس الاشهاد لنبحث معها وبصراحة مصالحنا وحماية بلدنا وضمان أمننا.
لا مكان على موائد البحث في عالم اليوم إلا للأقوياء، وقوتنا كسائر دول الكوكب، مصدرها شعبنا ورأيه ورؤيته وقراره، ومن تغطى بالشعب الموحد الداعم لقراره وموقفه، لا يخشى أحدا في هذا العالم مهما تجبر ومهما كانت قوته، وشعبنا الا ردني البطل، من أقوى واوفى شعوب الكوكب في مواجهة الشرور، عندما يكون الموقف والقرار والرأي مبنيا على رغباته هو ومحققا لمشاعر الوطنية.
أتمنى صادقا بإذن الله، أن نجلس معا رجال دولة أردنيين منزهين عن كل هوى إلا هوى الوطن، لنتشاور في انتهاج سياسة إقليمية دولية جديدة لا مكان فيها، إلا للأردن، ولفلسطين وقضيتها، والذهاب كل مذهب يرضى ربنا سبحانه، ويخدم حاضر ومستقبل بلدنا وقضيتنا.
إيران بالذات، وكل دول العالم، باستثناء الكيان الغاصب، ليسوا خصوما لنا، ويجب أن نصل وسريعا إلى صفر خصوم، لنا سيادتنا على قرارنا وبوصلته رأى شعبنا، وسيكون الله معنا حتما. هو سبحانه من أمام قصدي.