صوت عرار يصدح في سماء جوهرة الجامعات
أ.د. عدنان المساعدة
12-07-2022 03:58 PM
قرار مجلس عمداء جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية (جوهرة الجامعات) بتسمية إحدى مدرجات الجامعة باسم شاعر الأردن الكبير (عرار) يأتي تكريما لمسيرة شاعرنا مصطفى وهبي التل الذي غرس الروح الوطنية وحاكى شعره وديان وهضاب وسهول هذه الأرض المتيم بعشق هواءها وماءها وترابها وإنسانها.
عرار الشاعر المتمرد الذي كان منفتحا على الثقافة العربية والتاريخ ومنتميا للأرض والطبيعة وداعيا للحرية والعدالة الإجتماعية دون فوارق طبقية، ومدافعا عن الفقراء وأختار أن يعيش بينهم وإتخذ منهم الأصدقاء الذين كانوا مادة خصبة في شعره مصّورا معاناتهم بحس إنساني قل نظيرة، وكان الرائد حقا للقصيدة التقليدية الجزلة الرصينة التي انحازت للناس البسطاء والمحرومين والمزارعين، إضافة الى استعماله في شعره للمفردات والأمثال الشعبية المتداولة بين الناس بأسلوب جذّاب يعكس واقعهم الذي يعيشون، وعاش حياة متمردة تفهم الحرية ضمن فضاءات الصحراء البرية، لتكون حياته كأسلافه من الشعراء العرب القدماء.
وكان وطنيا وعروبيا وإنسانا وامتلك مفهوم الثقافة الشمولي كشاعر ومفكر ومترجم وسياسي ورجل قانون.
ولم يترك بقعة على إمتداد هذه الارض إلا وتغنى بها مثل وادي السير ووادي الشتاء وتل اربد وشيحان، مناديا بشموخ وإباء أن يدفن في أماكن عالية مرتفعة لها في قلبه ووجدانه مكانا عليا كما هي النسور التي تفضل الموت في الأماكن العالية مخاطبا الأردنيات بقوله:
يا أردنيات إن أوديت مغتربا فأنسجنها بأبي أنتن أكفاني
وقلن للصحب واروا بعض أعظمه في تل اربد أو في سفح شيحان
عسى وعل تمر بي مكحلة تتلو عليّ أي قرآن
كما إمتدت مساحات شعره الوطني والإنساني إلى الوطن العربي، وترجمّ رباعيات الخيام، وأهتم بالقضايا الأدبية واللغوية والفكرية من خلال مساجلاته وحواراته مع العديد من الشعراء والكتاب العرب ومنهم الشاعر ابراهيم ناجي وعبد الكريم الكرمي وأحمد الصافي النجفي وابراهيم طوقان وغيرهم.
وليس غريبا أن تختار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) عرارا الشاعر الأردني رمزا عربيا للثقافة عام 2022 لما يتمتّع به من مكانة في وجدان الأردنيين والعرب، حيث يعتبر من رواد حركة احياء الأدب العربي في العصر الحديث، وإحتلّ شعره كذلك حيزا كبيرا في الثقافة العربية.
نعم، إنها خطوة في الإتجاه الصحيح من جوهرة الجامعات أن يتم تقدير أدباءنا وعلماءنا، ومن قبل تمّ تسمية أحد المدرجات بإسم الدكتور سعد حجازي رحمه الله الطبيب والأكاديمي والاداري ورئيس الجامعة الأسبق، ونأمل من الزميل الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة ومن الزملاء في مجلس العمداء الإستمرار في نهج التكريم بإطلاق أسماء المدرجات والقاعات التدريسية على تلك الأعلام من علماءنا وأدباءنا التي تركت أثرا مهما في بلدنا وتاريخ أمتنا الزاخر بالعلم والأدب، وأعتقد أن مجلس العمداء يدرك أن معظم القاعات التدريسية والمدرجات تحمل أسماء مثل مدرجات العلوم ومدرجات الطب، وقسم منها يحمل رموزا وأرقاما ليتم إعادة تسميتها على غرار مدرج الفاروق ومدرج الكرامة والمكتبة المئوية الموجودة في رحاب الجامعة.
نأمل أن يستمر مجلس العمداء في دعم هذه المبادرة وإختيار أسماء لهذه المدرجات ترتبط بعمقنا التربوي والعلمي في مختلف المجالات الذين أثروا حاضرنا وتاريخنا التليد والإنسانية بمعرفتهم وعلومهم في مجالات الطب والكيمياء والرياضيات والصيدلة والأدب والثقافة والشعر وغيرها ليبقوا حاضرين في وجدان وضمير الطلبة والعاملين في هذه الجامعة الرائدة التي وضعت نفسها بقوة على خريطة العالم معرفة وبحثا وتدريسا، وبوركت جامعتي فخر الوطن.