تولى الشاب اليافع ذو الثمانية وعشرين عاما رئاسة بلدية السلط ليواجه أولى الأزمات الكبرى، أحداث أيلول عام 1970.
كانت الأصابع على الزناد بين الجيش والمنظمات على مشارف المدينة،، وكانت رصاصة واحدة كفيلة باشعال نار قد لا تنطفئ آثارها في المدينة لسنوات طويلة وما زلت اتذكر كيف قاد الشاب اليافع مروان الحمود ومعه الشيخ الجليل امين الكيلاني ( رحمهما الله) ثلة من وجهاء المدينة للحديث مع طرفي الأزمة ( الجيش والمنظمات)، وكانت قوات الجيش على وشك الدخول إلى المدينة حيث مقرات المنظمات ورجالها المدججين بالسلاح، ليصل إلى اتفاق شرف ( لايدخل الجيش المدينة ولا يطلق رجال المنظمات رصاصة واحدة وتمارس الشرطة والادارات الحكومية عملها المعتاد) وهكذا كان، لم تطلق رصاصة ولا أريق دم.
لم يكن مروان الحمود رجلا عاديا بل ظاهرة نادرة فأن تقود الناس بقوة القانون او المنصب امر عادي وسيكون لك أنصار واعداء، أما أن تقود الناس بقوة الشخصية والتواضع والخلق واللسان العف ولا يكون لك اعداء او حاقدون فامر نادر صعب.
هكذا كان ابو العبد،، لم يقف عدوا او خصما لاحد في السلط او خارجها.، ولم يغب عن مشكلات قومه ولا هرب من معضلة او أزمة، ولا عرف عنه أن امتدت يده إلى مال عام أو تنفع به بطريق مباشر او غير مباشر، ولم يترك ثروة يمكن الإشارة إليها، ولا زرع أبناءه او إخوته في المناصب الحكومية، وكان قادرا ان يفعل ذلك كله ولا يسأله احد، ولكنه عف عن ذلك كله، و لو انه فعل لما بقي سيد البلقاء وقبلة المظلومين فيها، كان يدرك أن الزعامة تسقط اذا تنفع الزعيم بها.
ان قيادة الناس امر صعب، ولكن الأصعب منه أن تقود الناس وانت لا تحمل سيفا ولا تنثر الذهب بين أيديهم ولا انت بالخطيب الساحر الكلمات، ولكنه إذا سكت كأنما تكلم بعينيه واذا تكلم سكت الأخرون،، هذا هو مروان الحمود الرجل الزعيم وهذه ظاهرة نادرة لن تتكرر في البلقاء مرة أخرى.
لن أقف في بيت العزاء الممتد من مغاريب السلط إلى ضاحية السرو، وإنما سأقف على مثواك لقراءة الفاتحة كلما اتيحت الفرصة، كما وقفت معنا يوم رحيل الحاج عبد اللطيف الصبيحي ، فما ينفع الراحل بعد الرحيل غير الفاتحة وولد صالح يدعو له.
إلى رحمة الله أيها السيد المهيب ولعلك ستفوز بدعاء آلاف المحبين وبثواب من كنت تكفكف دموعهم وجراحهم وبما حفظت به دماء واموال وأعراض اهلك وقومك الا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل.