facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بأي حال عدت يا عيد؟


د. أميرة يوسف ظاهر
07-07-2022 08:43 AM

على مشارف العيد وعلى منحنيات الفرح الذي يتآكل مع كل أزمة تحدث هنا أو يفتعلها أحد هناك، حينما تمتد يد الاغتيال في كل مرة لتأخذ منا فرحة العيد، وقد حملنا أنفسنا إلى الشوارع المكتظة بمن تكتظ في دواخلهم أعباء واجبات العيد ومن يهمون فرحين لشراء ملابس العيد، مشهدان يحملان نبض الشارع وهم المواطن... وبين هذا وذاك نربت على رؤوس الأطفال الذين يحتاجون منا لمسات حانية وقد حرموا أبا أو أما، او تطايرت من حياتهم العائلة بكل ما فيها من ونس واستئناس، يأتي العيد وقد احتجنا من يمد إلينا يدا أو يبعد عنا لسانا، يأتي وقد تسمرت في الدواخل دمعة فجفت وتناثرت في محاجر العيون، فهناك من يبكي الذين تعود أن يستمد منهم طاقة البقاء والسعادة، وآخرون يلعنون الذين كانوا إحلالا للذين يصنعون بديل فنجان القهوة فنجانا من الحنظل ليزيدوا في لواعج النفس هما وفي القلوب غصة، يأتي العيد هذا العام وقد تآكلت مداخيل الأسر التي كانت تعد حين تعد من الطبقة الوسطى بل وفوق الوسطى بسبب الزيادة المتسارعة لأسعار المحروقات والمواد الغذائية؛ في حين بقيت الرواتب في حال ثابت لا يتغير ولا يتبدل، فزادت الجرائم بدواعي الفقر الذي خيم على كل ناحية. ما أحوجنا إلى أيام خوال كنا ننتظر فيها العيد بفارغ الصبر.

أضحانا هذا العام مسبوقا بالتعب والعتب يهم المضحون لشراء وحجز أضحياتهم وهم يدركون أنهم أعوز وأحوج إلى لحمها وأحشاءها؛ فمعظمهم دون خط الفقر أو على حدوده، وهناك من الفقراء والمساكين والمحتاجين ما يربو ويزيد عددا ينتظرون عيد الأضحى لحمه منذ عيد انصرم، يأتي العيد ونحن مشدوهين ما زلنا نعب من صدمة استعار الأسعار، وكنا في أعياد سابقة نرنو لنشد الخطى بعد صلاة الفجر لنلتقي من شعاع الشمس إذ أسبل على منازلنا نرتل تكبيرات العيد مبتهجين، نستعد لاستقبال المعيدين على أبواب منازلنا من كبار وصغار وقد أعددنا أطباق وضيافة العيد المبارك، وكنا نحث الخطى بجيوب عامرة ثملين فرحا نحتسي رائحة القهوة العربية فواحة في الأرجاء مسرعين إلى أرحامنا وذوينا نهدي عيدة تسعدهم، ويعود العيد مليئا بقصص حزينة أوجعها الفقد في الأهل والصحب، وأثخنها الفقر وقلة الحيلة، وغلت يدها البطالة، وما زلنا على موعد مع الأمل في القادم من الأيام.

عاد العيد هذا العام بحال مختلف عما كان عليه في أعوام خلت، جافا ومرتبكا، ولولا الأيام التي سبقته من عبادة وتقديس لكان يوما عاديا كباقي أيام السنة، فقد خلا من البهجة حنى لدى الصغار الذين ينتظرونه باللباس والحلوى والألعاب، ويجيء هذه المرة بلا دمى ولا طائرات ورقية ترفرف فوق التلال المشرقة، وحتى بلا عيدية يقدمها الآباء لأبنائهم، فقد قفرت الجيوب، وصار الثقب في الجيب والجدار مواربا لغروب الشمس، وكيف لنا أن نلتحف الأغطية في حر هذا الصيف وقد توارت الأحلام، وصار الشروق يتساوى مع الغروب في العيد ذاته، وابتعدت من ردهات البيوت بهجة الصغار وهم يتناولون الحلوى من ربة المنزل التي تستبدل فرحتهم باسترخاء العطلة التي تقتفي أثارها من العيد ذاته، وقد زجت الكثير من العائلات إلى قارعة الطريق يتفيؤون شجرة أو حائط، وربما أقل من ذلك بكثير.

وإذا بأي حال عدت يا عيد والكثيرون يجمعون من خوابي المنازل لباس العام الماضي، ويتأهب لإجازة العيد الملأى بالأسى، بينما يتنعم المترفون خارج الوطن، يمرون عن جراح المجتمع مارقين إلى غرف فنادقهم، وعلى جوانب التلال والشلالات، يغيب عنهم عيد المتعبين في جنبات الوطن ويتذكرون أنهم تركوا خلف تلك الجبال ووراء تلك البحار صبية يركضون وراء كرة مترفة بالرقع، بينما هناك من يركل كل أحلامهم وأعيادهم.

ومع هذا كله سنرفل فوق الهموم فرحين بعيدنا المبارك مشرئبين بجباهنا العصماء نحو الفرح، مستلهمين الأمل بوطننا الأجمل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :