إنه حلف السلام وليس ناتو الشرق الأوسط
السفير الدكتور موفق العجلوني
06-07-2022 11:00 AM
لست هنا في محضر الدخول في لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله مع شبكة سي ن بي سي (CNBC) بتاريخ ٢٤/٦/٢٠٢٢ ، وفيما إذا كان جلالته يؤيد إنشاء ما يسمّى "ناتو الشرق الأوسط"، وأن الأردن سيدعم تشكيل تحالف عسكري في المنطقة.
ليس من السهل الدخول في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني، فجلالته لديه البصر والبصيرة ولدية الحكمة والعقلانية وبعد النظر وهو القائد السياسي المحنك ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل في العالم، وجلالته على تواصل دائم وتشاور وتنسيق مشترك مع اخوانه الملوك والزعماء القادة العرب بكافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهنالك قادة دول كبرى ينشدون نصيحته والأخذ برأيه ومشورته في القضايا السياسية والأمنية والدولية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
فجلالته يقف على قمة جبل شاهقة يشاهد الجهات الاربع غرباً وشمالاً وشرقاً وجنوباً، أما الأصوات الأخرى فتقبع في ظل قمة هذا الجبل وبالتالي حكمهم على الأمور نسبي ويفتقرون الى هذه الابعاد الأربعة في بعدها السياسي والأمني والاقتصادي والاستراتيجي، وفي المحصلة جلالته يسعى دائماً الى تحقيق المصالح الأردنية والعربية دون ان يكون تحقيق هذه المصالح على حساب القضية الفلسطينية او أي من الدول العربية الشقيقة، وموقف الأردن من القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية المسيحية ثابت وواضح من حيث انسحاب اسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني على الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
ان فكرة إقامة تحالف على غرار حلف شمال الأطلسي، ليست فكرة جديدة، ولا اخفي سراً ان هذه الفكرة فكرة عربية اصلاً ١٠٠٪ ، فكرة صافية نقية شجرة طيبة زرعت بارض عربية وبأيدي عربية أصيلة جذرها ثابت في ارجاء وطننا العربي وفرعها في السماء لتظل عالمنا العربي بظلال الامن والأمان والسلم والسلام مبادرة لا غربية ولا شمالية ولا شرقية ولا جنوبية انها شرق أوسطية عروبية، فقد سبق وأن كلفت شخصياً وبطلب من أحد مراكز الدراسات العربية المرموقة في احدى الدول العربية الشقيقة عام ٢٠١٤ أن أقوم بإعداد دراسة حول مشروع " حلف السلام Peace Pact " من أجل رفعها للجهات العليا في ذاك البلد الشقيق، وقد قمت بإعداد الدراسة مدار البحث والمكونة من ٣٠ صفحة وقدمتها لأصحاب المبادرة ذلك البيت العربي الأصيل والممدودة يده الطولى بالخير، وهو نعم الأخ والشقيق على مستوى القيادة والشعب العريق.
نعم الفكرة بشكل عام هي "حلف السلام Peace Pact " على غرار حلف شمال الأطلسي وهي مبادرة عربية وبقيادة عربية وتمويل عربي ١٠٠٪، ومفتوحة لانضمام عدد من الدول الإسلامية أيضاً كمؤسسين من حيث المبدأ، مشيراً هنا في هذا المجال لا توجد دول غير عربية و غير إسلامية كأعضاء مؤسسين في هذا الحلف "حلف السلام".
والفكرة وراء هذا المشروع حقيقة ليس لمواجهة أي دول صديقة او شقيقة انما لتعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط و الدفاع عن العالم العربي والحيلولة دون وقوع اية مواجهات عسكرية في المنطقة.
لا شك، هنالك هواجس عديدة لدى العديد من الدول العربية حول ما يدور في ذهن الرئيس الأميركي بايدن، هل هذه الزيارة ستسهم في تحقيق الامن والسلام الدائم في المنطقة بعيدا عن الازمة الروسية الاكرانية، علاوة على الأهداف الأميركية السياسية والاقتصادية تجاه روسيا، مع تأكيد الرئيس بايدن التزام الولايات المتحدة الأميركية بأمن إسرائيل، وهل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية قبل الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية على اجندة الرئيس بايدن؟.
بنفس الوقت لم يصدر اي تصريحات عن الرئيس بايدن او ادارته انه يحمل أي تصوّر أو مشروع للتسوية السلمية الدائمة في المنطقة وخاصة بالنسبة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وبالرغم ما يدور من هرج و مرج، و ما يتعرض له الأردن من ضغوطات سياسية واقتصادية فلن يخضع الأردن لأي ضغوطات لا تكون في إقامة السلام الدائم والشامل في المنطقة من خلال حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على الأرض الفلسطينية في الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وتاريخ الأردن وجلالة الملك شاهد على ذلك إبان فترة حكم ترامب ، وكيف رفض الأردن صفقة القرن (مشروع ترامب كوشنير نتنياهو) رغم كل الاغراءات والضغوطات الترامبية.
الأردن دائماً يدعم اية مبادرات عربية او إسلامية او إقليمية او دولية تسهم في تعزيز الامن والسلام في منطقة الشرق الاوسط دون ان يكون هذا السلام على حساب دولة أخرى وخاصة الحقوق الوطنية الفلسطينية في إقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية ما قبل الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية .
فحلف السلام ( Peace Pact ) هو فكرة رائدة وبنوايا قيادات عربية صادقة وتحمل رؤيا مستقبلية غير مسبوقة، وان تحقيق هذه الرؤيا هو لمصلحة العالم العربي وتعزيز السلام والامن في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة ان هدف هذا الحلف هو دعم أسس الامن والسلام والاستقرار في المنطقة والتعاون مع الاحلاف الدولية من أجل تعزيز الامن والسلم العالمي.
ويأتي تصريح معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين السيد ايمن الصفدي خلال استضافته من قبل شاشة الجزيرة قبل أيام، ليؤكد أن ما أطلق عليه "ناتو الشرق الأوسط" غير موجود، وما يدور في العالم العربي باعتقادي هو نفسه مفهوم "حلف السلام Peace Pact " ولن يكون بمثابة امتداد لتحالف شمال الأطلسي، ولكنه كطرح لآلية دفاعية عربية لمواجهة التحديات المشتركة، وأن الأردن يؤيد دوما أي طرح عربي مؤسساتي في مواجهة التحديات مع التأكيد على أن أية آلية لهذا النهج يتوجب أن ينطلق من أهداف واضحة، وأن ذلك يشمل مواجهة الإرهاب والأمن الغذائي والاقتصادي، أي كل طرح يدفع بعمل عربي مؤسساتي ندعمه في الأردن، ولا يوجد أي بلورة لتحالف عسكري ضمن حلف شمال الأطلسي .
بنفس الوقت أكد الوزير الصفدي بأنه ليس هناك أي حديث عن تحالف عسكري تكون إسرائيل جزءا منه خلال زيارة بايدن للمنطقة"، ولم يطرح على الأردن أي شيء عن تحالف عسكري يضم إسرائيل.
في ضوء التحركات والتكهنات والسيناريوهات التي تحوم حول زيارة الرئيس الأميركي بايدن للمنطقة، حان الوقت ان يعلن عن تأسيس" حلف السلام "Peace Pact" كمبادرة عربية بهدف تعزيز الامن والسلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم ويكون بمثابة تكتل عربي للدفاع عن القضايا العربية، وان يكون الباب مفتوحاً لدول إسلامية مثل باكستان وماليزيا، فهل يقوم الاشقاء أصحاب المبادرة بالإعلان عنها و تفاصيلها والعمل على تأسيس هذا الحلف حلف السلام "Peace Pact" ، لقطع الطريق على التكهنات التي تدور حول ما يدعى ناتو الشرق الأوسط .
muwaffaq@ajlouni.me
مركز فرح الدولي للدراسات والابحاث الاستراتيجية