رحيـل الثـروة شـرقاً وجنـوباً
د. فهد الفانك
14-09-2010 03:43 AM
الحوار بين الشمال والجنوب الذي لم يسـفر عن شيء كان يعني حواراً بين الأغنياء في الشمال والفقراء في الجنوب، وكانت موضوعات البحث هي تعهد الشـمال بتقديـم معونات مالية للجنوب، وفتح أسـواق الشمال لمنتجات الجنوب، وتحقيق قدر من العدالة في عمليات التبادل بين الجانبين.
هناك تغيير قد يكون بطيئاً ولكنه حثيث، يشير إلى انتقال الثروة والازدهار الاقتصادي من الشمال والغرب (أوروبا وأميركا الشمالية) إلى الجنوب والشرق، ( الصين والهند والنمور الآسيوية وأميركا الجنوبية وأفريقيا ) التي أصبحت تسمى الأسواق الصاعدة أو البازغة.
حتى بمقياسـنا المحلي نجد أن معظم صادراتنا من الأسـمدة والبوتاس والفوسفات تذهب إلى الشرق (الهند والصين) وإلى الجنوب (دول الخليج العربي) وجانب متزايد من مستورداتنا يأتي من الشرق (الصين واليابان وكوريا).
الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك أدركت أهمية الشرق، فالرحلات الملكية لم تغفل دول الشرق الأقصى والأوسط والأدنى، ليس فقط للأهمية من حيث التبادل التجاري، بل أيضاً كمصدر للدعم المالي والفني. ولكن الاتجاه الغالب ما زال صوب الغرب الذي لم تغب شمسه بعد.
يعاني الغرب اليوم من الأزمات الطاحنة، ومشكلة المديونية لم تعد تتعلق بدول العالم الثالث فقط، بل برزت بقـوة في دول العالم الأول، وأكبر المدينين في العالم اليوم هـم أميركا ودول الاتحاد الأوروبي. بالمناسبة صندوق النقـد الدولي قدم نصائحه مؤخراً لأميركا في كيفية استرداد النمو الاقتصادي، وسبحان مغير الأحوال.
خلافاً للاتجاه السائد في العالم العربي، فإن السياسة في العالم تتبع الاقتصاد وتخدمه. ونفوذ الدول يعتمد أساساً على قوة اقتصاداتها. ولذا فإن مركز القوة السياسية في العالم يتغير أيضاً، وليس سراً أن الصين والهند والبرازيل ستكون قريباً قـوى عظمى اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً.
من الواضح أن القـوى العظمى الراهنة (أميركا وأوروبا الغربية) في حالة تراجع وانحسار، وأن الصين والهنـد والبرازيل في حالة صعـود، وقـد يكون أبرز مثال في عالمنا العربي أن القـوة السياسية والمعنوية التي كانت تتمتع بها في الخمسينات الدول ذات الوزن السكاني انتقلت الآن إلى الدول ذات الوزن الاقتصادي والمالي.
الرأي