يروي العلامة المؤمن الطبيب "د مصطفى محمود" مؤلف كتاب "رأيت الله"، رحمه الله حادثة فيها عبرة عظيمة لكل إنسان مؤمن كان أم غير مؤمن.
يقول الدكتور محمود أسكنه الله فسيح جنانه، إنه وفي زمن مضى جاءت مجموعة من الشباب والشابات الفرنسيين في رحلة سياحية إلى بلد عربي، وعندما حان يوم العودة إلى بلادهم، أخبرتهم فتاة كانت ضمن المجموعة أنها لن تعود وستبقى حيث هي، حاولوا إقناعها بالعودة، لكنها أبت، فلقد إنبهرت بالأجواء الإيمانية في ذلك البلد وآثرت البقاء وحيدة.
تعرفت الفتاة على بعض أهل ذلك البلد الذين ساعدوها في الحصول على إقامة وعمل تعتاش منه، وبعد فترة قصيرة، أشهرت الفتاة إسلامها وتحجبت وواظبت على أداء العبادات والصلاة في المساجد.
كان إيمان تلك الفتاة عميقا بعد أن تخلت عن أهلها وبلدها واختارت هذه الحياة الإيمانية الجديدة بقناعة.
مرضت تلك الفتاة المؤمنة، وبعد رحلة إستطباب أخبرها الأطباء بأنها تعاني من ورم خبيث، تقبلت الأمر بحزن وبدأت رحلة علاج طويلة ولكن المرض أخذ في الإشتداد. عاد بعض رفاقها في رحلتها الأولى إلى ذلك البلد العربي ووجدوها في حالة متعبة جدا. حاولوا إقناعها بالعودة إلى فرنسا حيث الطب أكثر تقدما، لكنها رفضت أيضا وآثرت البقاء.
ذات ليلة وكانت في غاية الحزن والألم في غرفة سكنها جراء المرض، أفاقت من نومها قبل الفجر بساعة، وشرعت في صلاة طويلة، أتبعتها بدعاء إلى الحق جل في علاه، سائلة خالق الكون سبحانه بنفس منكسرة ذليلة، الشفاء من ذلك الداء.
دعت مطولا رب الكون جلت قدرته بتذلل المضطر الذي لا حيلة له، وأجهشت في بكاء صادق حيث تنتظر إجراء الفحص الدوري لحالتها في ذلك اليوم، تسأل من لا شافي إلاه الشفاء.
ولشدة ما أجهدت نفسها في الدعاء ولضعف جسدها وسوء حالتها، غالبها النعاس فنامت بغير وعي منها على سجادة صلاتها.
بعد ساعات أفاقت وتوجهت إلى المشفى لإجراء الفحص الطبي لتتفجر المفاجأة الكبرى التي أذهلت الأطباء الذين كانوا يشفقون لحالها ولظروفها الصحية الصعبة جدا، فلقد إختفى الداء نهائيا، أعادوا الفحص تارة ثانية للتأكد، وتيقنوا تماما من إختفاء الداء.
سألوها ماذا فعلت وهل تناولت أية أدوية أو أعشاب طبية غير ما كانوا يصفونها لها، فأخبرتهم أنها لم تفعل شيئا سوى مناجاة "الله" جل في علاه طالبة منه العون لا من سواه، فاستجاب رب الكون العظيم خالق كل شيء وليس كمثله شيء القادر على كل شيء لندائها الصادر من قلب نقي مؤمن، بعد أن وقف الطب عاجزا تماما أمام تردي حالتها.
ختاما .. مسكين غافل من يظن أن أمره بيد أي كان من خلق الله مهما علت شؤونهم في هذه الحياة الدنيا ,فالأمر أولا وآخرا وقبل وبعد كل شيء , هو بيد رب العزة وحده لا سواه , وحيا الله من آمن صادقا متحللا من كل فساد ونفاق وسوء أخلاق , وفوض أمره إلى الواحد الأحد جل جلاله لا إلى أحد من خلقه.