يكاد المشهد يكرر تفاصيله عند كل امتحان للثانوية العامة «التوجيهي» في كافة دوراته دون استثناء، بما في ذلك شكاوى الطلبة من الأسئلة، ومن أسلوب تقديمها لهم، الأمر الذي يفرض تساؤلات عديدة، تساؤلات على الثابت في المشهد وليس المتغيّر، بمعنى أن الأسئلة توجّه لوزارة التربية والتعليم، كونها الثابت في المشهد، ألم تجد حتى اللحظة طرقا مختلفة لوضع الأسئلة؟ ألم تأخذ بأي تغذية راجعة من شكاوى الطلبة؟ لماذا تتصدّر مواد محددة شكاوى الطلبة سنويا؟ وغيرها من الأسئلة المشروعة من الطلبة وحتى من الخبراء والمراقبين.
لا يمكن لأحد أن ينكر أن امتحان التوجيهي يشكّل حالة استثنائية عند الطلبة وذويهم، وثقلا فكريا وجسديا ونفسيا كذلك، ربما يعود ذلك لثقافة متوارثة بأن في أدائه والنجاح به تحديد مصير، والإخفاق به نهاية لأحلام وأماني جيل، الأمر الذي يجعل صانع القرار التربوي يضع هذا الجانب محلّ اهتمام عند التعامل مع ملف «التوجيهي» برمّته ليس فقط في الأسئلة التي توضع فقط، فقد آن الأوان أن توضع منهجية عمل تؤخذ به كل هذه الاعتبارات لجعل التوجيهي مرحلة مدرسية عادية يتجاوزها الطالب ليقرر بعدها شكل مستقبله الذي يناسبه ويناسب قدراته، دون الاعتماد على نهج أثبتت التجارب أنه ليس مجديا أو على الأقل ليس عادلا تحديدا لطلبة لم يحصلوا على التعليم اللازم أو مرّوا بظروف نفسية أو اجتماعية أخّرت من قدرتهم على الدراسة والنجاح أو الحصول على معدّل مرتفع.
مع كل دورة للتوجيهي يثار الجدل بشأن مادة معينة، أو مواد، مما يفرض قرع الجرس بضرورة أن تقف هذه المنهجية، فمن غير المنطق والمقبول أن نتابع ذات التفاصيل في كل مرة يعقد بها امتحان الثانوية العامة، وكما أسلفت هذه الجدليات تثار من الجانب المتغيّر في المشهد ألا وهم الطلبة، بمعنى أن هناك حتمية لحسم هذا الملف بكافة تفاصيله، وأبرزها صيغ الأسئلة وآلية وضعها للطلبة، تكرار ذات الشكاوى يبرز حاجة ملحّة لإيجاد حلول.
بالأمس، من المرات القليلة التي يقوم بها رئيس الوزراء بتفقد قاعات لأداء التوجيهي، حيث تفقد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة سير امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) في قاعتين للذكور والإناث في منطقة المقابلين التابعة للواء القويسمة بعمان، في خطوة تؤشّر بشكل كبير على اهتمام الحكومة بالتوجيهي من جهة، ومن جهة أخرى الوقوف على عقد الامتحان وآلية سير العمل فيه إضافة لتقديم الشكر بطبيعة الحال لمن يقف خلف نجاح التوجيهي من رجال أمن من خلال كوادر مديرية الأمن العام، ومعلمين ومعلمات ومراقبين ومشرفين على سير امتحان الثانوية العامة في جميع مراحله.
خطوة هامة جدا من الدكتور الخصاونة، تحمل رسائل هامة جدا، سيما عندما تبادل الحديث مع طلبة وطالبات الثانوية العامة حول الامتحانات، والإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية لضمان حسن سيرها، ليستمع من صاحب الشأن مباشرة ومن الميدان حول هذا الامتحان الذي لم تغب جدليته عن الحال العام في كل مرة يعقد بها، إضافة لتأكيدات رئيس الوزراء على أهمية مرحلة «التوجيهي» كمحطة مهمة في حياتهم ومستقبلهم «الطلبة».
في بدء أي دورة للتوجيهي تبرز الحاجة لوضع تصوّر، لا نقول مثاليا بالقدر الذي يكون به مناسبا للطلبة، بأن يكون كما وصفه رئيس الوزراء محطة مهمة في حياة الطلبة ومستقبلهم، دون أي جدليات أو إشكاليات، وإخراجه من ذات الحلقة التي تبدأ من حيث تنتهي مع كل عقد امتحان.
(الدستور)