أسعار البترول مفتوحة لجميع الاحتمالات، ولولا الحرب في أوكرانيا لبقي المعدل حول ٥٠ دولارا للبرميل ولزاد بشكل طبيعي تبعا للطلب المفترض أنه أعقب وباء كورونا تزامنا مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي.
ليس كل ما يتمناه العالم يدركه وقد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.
لماذا قد تذهب الدول المنتجة إلى زيادة الإنتاج لخفض الأسعار.. كأنها إن فعلت كمن يطلق النار على قدمه لكن في الحسابات الاقتصادية الأمر مختلف.
ارتفاع اسعار النفط يصاحبه ارتفاعات كبيرة في التكاليف، أسعار السلع وغيرها بمعنى أن ما تجنيه الدول المنتجة من مكاسب يحرق في نار التضخم، لذلك فإن تحقيق التوازن مسؤولية الدول المنتجة والمستهلكة في آن معا.
هذا ممكن في ظل ظروف طبيعية لكننا بصدد ظروف غير طبيعية، والغرب الذي يزيد طين المعارك بلة لشيكات مفتوحة من السلاح وغيرها مسؤول عن إطالة أمد الحرب وعن إطالة أمد المعاناة، فلماذا يجب أن تكون الدول المنتجة للبترول أحرص من القوى العظمى على السلم العالمي، وأن يتعين عليها أن تلعب دور المنقذ لتصبح بعد ذلك صحية.
البترول يعود إلى مستواه السابق أي حوالي 110 دولارات للبرميل، كما كان ممكناً أيضاً أن يحدث العكس ويواصل سعر البترول الانخفاض لكن دخول السوق هذا المعترك الخطير من التناقضات التي لا علاقة لها بمعادلة العرض والطلب غيرت قواعد اللعبة إذن لن يتسنى تثبيت السعر حتى لو زاد الانتاج والعالم لم يعد قادرا على التنبؤ بأسعار المستقبل.
لولا هذا الارتفاع لكانت الحكومة تستطيع أن تتصرف بشكل مختلف كأن ُتبقي أسعار البنزين والمشتقات الأخرى عند مستوى يمكنها من تحقيق الإيرادات المقدرة في الموازنة بنحو مليار دينار لكنها اصطدمت بعجز قدره ٤٥٠ مليون دينار جراء تثبيت الأسعار لمدة زادت على أربعة أشهر، كلما الأسعار فيها ترتفع!!.
طبعا هذا العجز يذهب ضد تخفيض المديونية ولا يحقق الحد الأدنى من حماية المستهلك الأردني من الهزات القادمة.
هذا الاتجاه أي رفع الأسعار غير مقبول شعبياً، كذلك زيادة المديونية فأيهما نختار؟!.
هناك من يقول إن انخفاض الأسعار في وقت سابق كان الوقت المناسب لعدم تحميل المواطن كلفة جديدة في الوقت الذي كان يمكن فيه تحقق وفورات أكبر من انخفاض أسـعار النفط وتثبيت أسعار المحروقات وتمويل صندوق مقترح للتامين ضد تقلبات اسعار النفط، لكن حتى في أسوأ السيناريوهات كان، لم تبلغ التوقعات ما حصل فعلا ولا كان الامر كذلك لتحوطت اوروبا التي تعاني نقصا في الغاز والبترول في آن معا !!.
إلغاء عجز الموازنة العامة.
الصانع الحقيقي لأسعار البترول العالمية اليوم هم المنتجون وفي المقدمة السعودية، فهي أكبر مصدّر للبترول في العالم، وبيدها إذا شاءت أن ترفع الأسعار بتخفيض إنتاجها، أو تخفض الأسعار بزيادة الإنتاج وغمر الأسواق.
السعودية تضررت كثيرا من الانخفاض لأسعار البترول العالمية، لدرجة أنها اضطرت لسحب مليارات الدولارات من احتياطياتها السابقة ولجأت إلى إصدار سندات دين بمبالغ طائلة لتسديد عجز الموازنة، والاستمرار في تنفيذ المشاريع المقررة.
لماذا هي مطالبة اليوم بأن تنقذ العالم. وتلف الحبل فوق رقبتها؟.
هذا الخيار يعني أن تتحمل السعودية وحدها العبء لمجرد تخفيض معدلات التضخم التي لا ناقة لها فيها ولا جمل!..
(الراي)