منذ تأسيس الاردن والبلاد تتقدم على مختلف الصعد بوتائر سريعة.. باستثناء الحياة السياسية التي راوحت مكانها دون ادنى روافع لدفعها الى الامام اسوة بما يجري في جوانب الحياة الاخرى. كان العيد فرصة للاطلاع على المشهد الانتخابي الذي تتصاعد وتائرة باتجاه يوم الانتخبات، التاسع من تشرين ثاني القادم.. وكان المشهد بائسا بامتياز.
فالانتماء للوطن وقضاياه الاساسية تراجع الى خلفية المشهد، بينما تقدم الى الواجهة مجموعة من الولاءات الضيقة يختلط فيها المناطقي بالقبلي بالشخصي.
يفترض ان مناسبة الانتخابات التشريعية ان تكون وقودا لتفعيل الماكنة الوطنية.. ووضع الاجيال الجديدة في اتون الانتماء الوطني .. انتماء لا يعلوه اي انتماء، لكن ما يحدث الان ان الانتخبات التشريعية غدت مناسبة لتعميق الولاء العشائري والقبلي والمناطقي بعيدا تماما عن هموم الوطن ومتطلبات صيانته واعداد ابناءه للدفاع عنه اذا تطلبت الضرورة ذلك.
مما شاهدته اثناء العيد، ان لا حديث يعلو على حديث العشيرة بسبب الصوت الواحد، وان لا حديث يعلو على حديث المناطقية الضيقة جدا بسبب الدوائر الوهمية. حتى العشيرة لم تعد وحدة واحدة بل اصبح الفخذ الصغير من العشيرة الواحدة وحدة جديدة للعمل الانتخابي.
لسنوات مضت، كان الوطن يئن تحت ما تمخضت عنه الانتخبات السابقة الى ان حسم قائد الوطن الوضع بأن وضع حدا للمجلس برمته مفسحا المجال الى اجراء الانتخابات الجديدة.. ولكن هل هنالك ما يضمن ان ننجح هذه المرة في انتاج مجلس نيابي يختلف عن المجلس الذي كنا نئن تحت وطأته ؟ الجواب: المعطيات حولنا تشير الى ان ذلك غير ممكن.. فمعادلة الصوت الواحد ومعادلة الدوائر الوهمية لن تنتجا مجلسا افضل من سابقه ..
فالمدخلات الى العملية الانتخابية تمت عملية ممنهجة لهندستها بحيث لا تنتج الا مخرجات بلون وطبيعة محددة محسومة..
qatamin8@hotmail.com