في فصل النيابة عن الوزارة
سامي الزبيدي
13-09-2010 11:13 PM
عطلة العيد كانت مناسبة لقياس درجة ونوع الاهتمام الشعبي بالانتخابات النيابية المنتظره على الاقل في بيئة احتماعية واحدة ، والقياس بالرغم من افتقاره للعلمية الا انه يبقى مؤشر على طبيعة الاهتمامات الشعبية في بيئة جغرافية واحدة على الاقل.
الانطباع الاولى الذي يخرج به المراقب للاحاديث الانتخابية هو افتقارها للبعد السياسي اذ لا احد ، تقريبا، يتحدث عن الرقابة التي ينبغي على المجلس النيابي ان يمارسها او عن التشريعات التي ينبغي ان تصدر او حتى ان مواصفات النائب المأموله فالحديث كان ينصب حول الفرص المتاحة امام المرشحين والوزن النوعي العشائري للمرشح وفرصه بالتالي في النجاح دون النظر الى ما يتمتع به من مهارة سياسيية مفترضة او قدرة تمثيلية فالناس لم يعودوا يتأملون احداث تغيير تدريجي عبر المؤسسة التشريعية بل ان الاحاديث تنصب على فكرة الترشح لنيل "فرصة عمل" فيها الكثير من الوجاهة والقليل من المال.
لم اسمع حرفا واحدا في سياق جملة تتحدث عن التغيير المأمول الذي يمكن ان يصنعه النائب عبر المؤسسة التشريعية بل ان جل الكلام يذهب مذهب السجايا الشخصية للمرشح وقدرته على اقناع عشيرته في الذهاب الى صناديق الاقتراع في اليوم الموعود.
لعل مرد ذلك جملة من المعطيات السياسية التي فعلت فعلها منذ العام 1993 غير ان الضربة السياسية الكبرى التي تلقتها المؤسسة التشريعية هي تلك النظرية الاردنية المتمثلة في الفصل بين النيابة والوزارة.. تلكم النظرية التي بدأت في اذار عام 1997 ولا زالت تعمل حتى الان.
ما الذي احدثته هذه النظرية في الحياة السياسية؟
•لقد حولت النائب الى تابع للسلطة التنفيذية بحيث لا يقوى على اغضابها باعتباره مضطر الى خدمة جمهوره من خلال قراراتها، وبالتالي فان الحكومات تمتعت بميزة تمكنها من اضعاف النائب عبر اغلاق "صنبور" الخدمات في وجهه وفتحه على خصومه المحليين.
•هذه النظرية انتصرت للسياسيين غير الشعبيين على من اتوا بالإرادة الشعبية مما اضعف صوت الناس في الدولة بالرغم من كونهم مصدر سلطاتها كافة.
•خلقت هذه النظرية طبقة سياسية جديدة غير عارفة بمشكلات الناس ومغتربة عنهم وبالتالي الحقت افدح الاضرار في الصورة النمطية للاطر الرسمية في عيون الناس.
•بهذه النظرية لم تعد الحكومات ذات طابع تمثيلي شعبي بعكس الحكومات البرلمانية وبالتالي لا تعد تشعر هذه الحكومات بالمديونية تجاه الناس مما خلق عقلية رسمية تنفر من الناس وتخشاهم في ان.
•اضعفت من تأثير النائب في الحياة السياسية واعادت صياغة وظيفته السياسية بحيث اضحى مسهلا للمعاملات ومتواسطا لنيل مقاعد جامعية ووظائف مياومة وما الى ذلك من وظائف كانت في عهدة الوجهاء المجليين.
وبعد اليس من المفيد اعادة النظر في هذه النظرية الاردنية التي كان تطبيقها وبالا على المجتمع والدولة على السواء.
Sami.z@alrai.com