بعض المفاصل السياسية والوطنية المهمة التي مر بها الاردن كانت تدار بطريقة تترك لدى الاردنيين اثرا بقي الى اليوم من المواعيد والتاريخ السياسي للدولة، فمثلا كانت انتخابات البرلمان عام ١٩٨٩ عملية سياسية حملت معها خطوات كبرى بعد تعثر وازمة اقتصادية كبرى عام ١٩٨٨.
جاءت الانتخابات واخرجت بشكل نهائي جزءا من ادوات الدولة التي كانت في نظر الناس سببا للازمات ،وانتجت جزءا جديدا من النخبة دخل الى مؤسسات الدولة في كل المواقع الى اليوم ،وحينها استخدمت الدولة بعض مخزونها من الرجال الذين يملكون السمعه الطيبة والمصداقية لدى الاردنيين مثل الامير زيد بن شاكر رحمه الله ،ورغم قدوم ازمات كبرى مثل حرب الخليج الاولى الا ان الدولة حافظت على مسار آمن، واستمرت في خطوات مهمة مثل الميثاق الوطني ورفع الأحكام العرفية وقانون الاحزاب ،وكل هذا استفادت منه الدولة واعادت ترتيب صفوفها وبناء صورتها داخليا وخارجيا.
وفي فترة مايسمى الربيع العربي تعرض الاردن لحالة صعبة من عدم الاستقرار الداخلي وفي المحيط ،وكانت شهية البعض واسعة للاتقضاض حتى على مؤسسة الحكم وهوية الدولة ،لكن الدولة اتخذت خطوات حكيمة وجريئة وصنعت امورا تركت اثرا مهما في تماسك الدولة واستقرارها الداخلي والخارجي مثل انشاء مؤسسات اصلاحية طلبها الاردنييون مثل المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخابات وتعديل الدستور..
في كلا المرحلتين كانت الخطوات ومازالت مهمة لدى الناس ،وتم تسجيلها لمصلحة الدولة في الداخل والخارج ، وتم توثيق كجزء من ذكاء الدولة وحكمتها في ادارة مراحل القلق وعدم الاستقرار.
قبل عام كانت المبادرة الملكية نحو مسارات اصلاحية اولها التحديث السياسي وبعده جاءت الورشة الاقتصادية وربما قريبا ستظهر خطة التطوير الاداري ،وكلها خطوات حملت ايجابيات تستحق التقدير ،وهي تعبير في اطارها العام عن رؤية الملك للإصلاح وتجاوز مرحلة صعبة نعيشها وخاصة اقتصاديا ،لكن الفرق بين هذه الخطوات ومراحل اكثر صعوبة عاشتها الدولة وادارتها مثل التي ذكرتها ان هذه المرحلة دخلت مخرجاتها السياسية والاقتصادية مرحلة الارشيف القانوني ،ولم تترك حضورا ملفتا لدى الاردنيين ،ولم تؤثر في قناعاتهم او مستويات التفاؤل ،وكأن المطلوب انتاج ارضية تشريعية مع ان قيمة المراحل الإصلاحية في العمليات السياسية والقرارات المهمة وليس في انتاج ورق وتوصيات وقوانين .
كان يجب على الجهات التنفيذية ان تستثمر خطوات الاصلاح السياسي والاقتصادي ليسجل للدولة لكن الادارة التنفيذية تتعامل معه بحماس اعلامي لكن دون ان تحوله الى بداية مرحلة مختلفة لدى الاردنيين .
للاسف مرحلة ماقبل اطلاق مسارات الاصلاح لم تختلف لدى الناس عما هو بعدها ،باستثناء نشاط لفئات من المسؤلين السابقين في الحديث عما تم او نشاط لانشاء احزاب لايتفاءل احد بمستقبلها، او بعض النشاط لمراكز دراسات تستفيد من التمويل الداخلي والخارجي للحديث عن عناوين مثل المرأة والشباب والاحزاب ،وهو نشاط محدود الحضور.
ربما كان الامل ان تكون المرحلة التي بدات قبل عام محطة تاريخية مثل تعامل الدولة عام ١٩٨٩ او فترة الحراك ،لكن للاسف هناك حلقة ليست مفقودة حولت هذه المرحلة الى مرحلة عادية لم تخدم الدولة في ادارة المشكلات التي تواجهها وخاصة المشكلة الاقتصادية .