اذا ما انتهت الحرب الجيواستراتيجية التي تدور رحها في شمال العالم فإن على جنوب العالم واجب التبعية الثقافية من باب الحفاظ على الامن القومي لشماله تلك هي احد اهم المحاور التي يتم الحديث حولها في مؤتمر صن فالي وهو الاستخلاص المنسجم مع ما تقف عليه الادارة الامريكية الديموقراطية هذا اضافة الى المانيا وفرنسا وبريطانيا من افكار ليبرالية يراد تحويلها الى نهج يلزم الجميع باتبعابه وهو ما يشكل ارضية عمل وبوصلة توجه للمنظور القادم.

فكرة تحويل الفكر الذي يخير الانسان ويقوده للاستدلال الى نهج يسوقه لتحقيق الفعل وترجمة البيان هي فكرة لا تترجم الا بسياق تحقيق الانتصار في الحرب التي لا تقف حدودها عند الفوز في معركة شمال العالم بل تترجم ما يقوم اساسه على برنامج تحويل الفكر الليبرالي الى واقع منهجي يلزم الجميع باتباعه هذا لان المدرسة الليبرالية التي ستكون منتصرة كما هو متوقع تؤمن ايمان مطلق ان امن الدول المتقدمة في شمال العالم ياتي من باب تحويل الانظمة السلطوية في جنوبه إلى انظمة ديموقراطية.

وهي ينتظر ان تعتمد بذلك على سياسة تغيير ثقافة مجتمعاتها الى ثقافة حداثية بحيث تصبح مجتمعاتها ديموقراطية مدنية تعمل بذات النهج وتنطلق من ذات القيم التي تعمل عليها المجتمعات الديموقراطية الليبرالية وهذا يعني ان جنوب العالم سيواجه حرب ثقافية بعد انتهاء معارك المراكز الجيواستراتيجيه في شماله في حال كان النصر حليف المعسكر الغربي وليس فقط الفوز في معركة أوكرانيا بدواخلها الضمنية.

فمن ما هو معروف ان الحزب الديموقراطي بزعامة جوبايدن يقوم على نهج ليبرالي ديموقراطي والعقدة الفكرية التي تجمع اعضاءه تقوم على المواطنة لكن موضوع تحويل الفكر غير الملزم الى نهج يلزم الجميع على اتباعه هو موضوع بحاجة الى استدراك وعناوين استجابة/ رادعة فاعلة من قبل مجتمعات جنوب العالم التي سيتم استهدافها حفاظا على الامن القومي للمجتمعات المتقدمة، فان هنالك بات يقين في مطبخ بيت القرار العالمي ان الامن يبدأ من تغيير ثقافة المجتمعات التقليدية.

مؤتمر صن فالي الذي ينعقد سنوايا في ولاية ايداهو الامريكية بمشاركة اهم القيادات السياسية والامنية والاقتصادية ينعقد هذا العام قبل الزيارة الاولى التى سيقوم بها الرئيس جوبايدن للمنطقة مهد الحضارات الثقافية والتقليدية وهي الزيارة التي قد ترسل رسالة ضمنية مفادها يقوم على ضرورة العمل وفق مناهج حداثية وعصرنية تقوم بالابتعاد عن النمطية في العيش والتخندق في التعايش الثقافي وعدم التعصب للاصول التاريخية والعمل بروح العصرنة والحداثة لتحقيق الاهداف التي يتفق حولها او يتم التوافق عليها.

وذلك دون ايدلوجية متطرفة او نماذج حضارية تدعي احتكار الحقيقة فان عناوين الحداثة القادمة التي يراد اتباعها تعمل ليكون الجميع ضمن السياق العام المستهدف الذي يقوم على النهج الليبرالي الديموقراطي والذي تتكون روافعه من الديموقراطية وسيادة القانون والاقتصاد الحر المفتوح وحقوق الانسان الطبيعية الاساسية التي لا يمكن للانسان ان يتنازل عنها

كما لا يحق للسلطة (الحكومة او المجتمع) ان تنزعها عن الانسان وهي الحقوق الانسانية التي تقوم على الحق في الحياة وحماية الملكية الخاصة وحماية الحريات العامة واضافة الى الحق بالبحث عن السعادة الذي اضافه توماس جفرسون على الدستور الامريكي.

وهي وإن كانت عناوين تحمل ثقافة التحدي لمنطقة مهد الحضارات لكنها عناوين فيها من الموضوعية كما فيها من البيان بين وجهتي نظر تقوم الاولى على المنطلقات وتستند القادمة على الاهداف لتشكل عبارة حوار بين فريقي الاصالة والحداثة بعناوين جديدة ويقوم البيان بين ما يمكن هضمه ما يستوجب رقضه ولا يجوز اتباعه وستنشأ من بعد ذلك جملة فكرية جديدة على ان يأتي ذلك ضمن ادوات حوارية موضوعية يبتعد فيها عن الصدامية وتقوم على الحوار المفضي لايجاد خلاصة او الوصول لاستخلاص مفيد يصلح المناهج السياسية في المجتمعات ولا يعتبر الحضارة الانسانية التي تقف عليها منطقة مهد الحضارات مجرد ....ديمو ديه