مضى الزمان والوقت والسنين، على عهود صدأت مساميرها المصنوعة من المعادن الرخيصة، التي تُخَرِّبُ أكثر مما تُصَحِّح، وتُدَمِّرُ أكثر مما تُطَوِّر، وتُخَلخِلُ أكثر مما تُثَبِّت. مساميرٌ اهترأت واذابها الزمان الذي لم تستطع، إن تحافظ فيه على كيانها وثباتها، لأنها ضعيفة في الأصل، لا تستحق أن تكون حاملة وحامية، لأية صورة أو إطار يحتوي جوهرا ورمزا ثمينا.

فأي شخص واعٍ سينظر إلى لوحة فنية غاية في الجمال والروعة، سيتغزل فيها وفي معانيها الراقية، يتفحصها بعينين ثاقبتين، ويستمتع بتفاصيلها وجزئياتها وألوانها الخلابة، ويتمنى أن يمتلكها، لأنه بعد تمعنه فيها، يتملكه جمالها ورمزيتها، وتدخل إلى أعماق قلبه ووجدانه، بل ويتمنى أن يكون أحد عناصرها وحركاته.

وعندما يخرج من السباحة في فضائها، والتأمل في عالمها الساحر، ويعود للنظر إلى ما حولها! وهي معروضة في معرض مليء باللوحات الخلابة، تصطف كلها إلى جانب بعضها البعض، سيُصدم عندما يرى بأن هذا المعرض غير محمي من السرقة والضياع، ومن التلف والخراب، ومن سقوط لوحاته من مكانها العالي، لوحات ساحرة معلقة بمسامير هزيلة وضعيفة، أكل منها الزمان وشرب، لم يبذل صاحبها أي جهد لجلب مسامير فولاذية متينة أصيلة قوية، تستحق بأن تتحمل مسؤولية هذه اللوحات ويحميها، ويمنعها من الوقوع والكسر.

تلك المسامير الصدأة بضعفها ولونها البني الوسخ شوّهّت هذه اللوحات الجميلة عندما ذابت وتاَكلت فوقها، وحطمت تفاصيلها ولخبطت ألوانها وأخفت معالمها وجمالياتها، كما اختفت هي، ولم تعد قادرة على البقاء والإبقاء على نفسها أيضا، وأصبح كل مّن ينظر إلى هذه اللوحات يراها قاتمة ميتة، لا حول لها ولا قوة.

آن الأوان لأن ياتي مُخَلِّصٌ لينقذ المعرض بلوحاته الفنية الثمينة بجوهرها وروحها، ويعلقها ويسلمها لمن يحميها ويمنع عنها الخطر، كي لا تهلك وتتلف وتذهب روعتها وتبقى محافظة على رونقها وبهجتها.

وحان زمانُ خلع وقلع المسامير الصدأة، ولابد من وضع الشيء المناسب في المكان المناسب، ويجب على صاحب المعرض أن يتأكد من معرفة من سيجلب ولمن سَيسلّمَ المسؤولية؟.

Email: ahedpsut@gmail.com