حادثة العقبة أدمت قلوبنا بخسارة (13) ثلاثة عشر شهيدًا لهم الرحمة؛ وعزاؤنا لأهل الضحايا ويلهمهم وذويهم الصبر.
أعتقد أن هذه الحادثة المؤلمة أعطت الحكومة والشركات العاملة في المواد الخطرة دروسًا في أخذ الاحتياطات سواء كانت على شكل قوانين أو تعليمات لمنع مثل هذه الحوادث المروعة على مجتمعنا.
علَل العديد من الكتاب أسباب ماحدث على أن السبب هو تقصير إداري في أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع مثل هذا الحادث.
في مختلف دول العالم تعمل على وضع قوانين وتعليمات وإجراءات للمحافظة على العاملين والمجتمع ضمن معايير يتم تحديدها باهتمام كبير وبأدق التفاصيل لمنع حدوث مثل هذه الحوادث أو التخفيف من آثارها.
أعلم أن العديد من الشركات عملت على عقد برامج تدريبية متخصصة في الصحة والسلامة المهنية خاصة التعليمات التي تتضمن في برنامج "OSHA" العالمي، ولكن مع الأسف بعد الانتهاء من مشاركة العاملين في مثل هذه البرامج ينتهي الأمر بالمشارك/المشاركين بالعودة على أعمالهم وكأن الأمر بهذه السهولة ولا يتم التأكد من جميع إجراءات السلامة بأنها ضمن المعايير العالمية لمثل هذه البرامج.
بغض النظر عن أنواع الكوارث وأشكالها سواء كانت من صنع الطبيعة، وهذا النوع من الكوارث يستطيع الانسان التخفيف من الخسائر البشرية والمادية ولا يستطيع منع حدوثها، أما تلك التي من صنع الانسان تحدث إما لعدم الاهتمام أو إهمالًا للمشاكل الصغيرة إلا أنها بعد فترة تتعاظم هذه المشاكل الصغيرة وتؤدي إلى كارثة؛ وتعمل على إحداث خسائر بشرية وفي الممتلكات والاقتصاد والبيئة وينتج عن هذه الكوارث أزمات تتطلب وقت طويل أحيانًا للتعافي منها.
وباعتقادي، ولا أريد أن أستبق تقرير اللجنة المشكلة لتحديد أسباب كارثة وأزمة العقبة، إنَ من أسباب مثل هذه الحوادث إهمال يبدأ من مشكلة صغيرة تؤدي في النهاية إلى كارثة وأزمة كبيرة للمؤسسة.
وأتساءل هنا عن دور الإدارة العليا في مثل هذه المؤسسات، ليس فقط التأكد من وضع الخوذة على رؤوس العاملين وغير ذلك من إجراءات سطحية لا تمت بمستوى الخطورة فيها وإنما وضع استراتيجيات للصحة والسلامة المهنية وتعليمات وإجراءات ومراقبة مستمرة على تطبيق الإجراءات سواء كان ذلك من قبل المدير العام أو من مدير الصحة والسلامة المهنية إذا كانت هذه الإدارة موجودة أصلاً في مؤسساتنا.
في دول العالم المتقدم يتم تعيين في هذه الإدارة (الصحة والسلامة المهنية) شخص تتوفر لديه شهادات معتمدة ومعرفة كاملة في هذا الموضوع واهتمام عالي بأدق التفاصيل وقدرة مهنية على الملاحظة الدقيقة لأي خلل مهما كان بسيطًا.
وعلى الإدارة العليا مسؤوليات كبرى في المراقبة المستمرة مع إدارة السلامة المهنية والتأكد من أن الأمور تسير وفقًا لما خُطط لها وليس الجلوس في مكتبه المغلق واتخاذ إجراءات أحيانًا بحق العاملين ليس لها علاقة بآداء العمل.
في حادثة العقبة المرعبة يجب معرفة الأسباب الحقيقية ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير، علمًا بأن هذا الحدث الجلل في الدول المتقدمة يدفع باستقالات وتحمل المسؤولية.