مع نضال القطامين وترياق يداوي جراح الناس
السفير الدكتور موفق العجلوني
01-07-2022 03:59 PM
استوقفني مقال لمعالي الدكتور نضال القطامين منشور في عمون الغراء بتاريخ 29-6-2022 بعنوان: عقيدة الترهل القاتلة، اختتمه بالقول:
" نحن بحاجة لروافع وطنية تسند جهد جلالة الملك وولي العهد، وهم الذين في الطليعة دوما وعلى تماس مباشر بقلق الناس وبأحوالهم، روافع تطرح برامج إصلاحية وطنية لتطوير القطاع العام الذي استهلكت كل المفردات دون تنفيذه، وبرامج لإصلاح الاقتصاد تخفّف عن عواتق الناس مطارق الضرائب وارتفاعات الأسعار، برامج وخطط تضع ترياقا مناسبا لعلة حوادث الطرق التي تهدر كل عام شلالات الدم والمال، برامج تطلق يد الخبراء الصامتين من أساتذة الجامعات وغيرهم، يتبناها المشرّع وتطبقها حكومات وطنية تبالي بجراح الناس وتكترث لأمرهم. "
عودنا الدكتور القطامين بلغته البالغ والاجمل والاحلى والتي تضطر القارئ للبحث في قواميس اللغة العربية ليتمكن من الوقوف على المعاني العميقة لكلماته ومعانيها، هذه اللغة التي حقيقة أصبحنا بعدين عنها وهي لغة العرب ولغة القران ولغة الفلاسفة والعلماء والادباء وفقهاء علم البيان والبلاغة. تمتاز هذه المقالة بالصراحة والوضوح والنقد الموضوعي المباشر لواقع الحال.
وأحببت في استعراض مقال الدكتور القطامين ان اتوقف على بعض المحطات التي طرحها، لأتمكن مرة ثانية من طرحها لعلنا نستيقظ من سباتنا وان لا نعود نرتكب نفس الاخطاء القاتلة والتي يذهب ضحيتها شباب وشابات يعملون ليل نهار لخدمة الوطن وخدمة الاقتصاد دون ان تكون هنالك يد حانية تشعر بشعورهم وعين مراقبة تتعرف على مكامن الخطر ومواقف الانزلاق نحو الهاوية قبل وقوعها. فما شهدناه قبل أيام في العقبة يدمي الجروح، واستشهاد أحد رجالات الدفاع المدني ما هو الا واحد من عشرات الهفوات التي فقدنا فيها خيرة شباب الوطن.
هنا استوقفني الدكتور القطامين، واخذني في رحلة بعيدة في غياهب تاريخ اردننا الحبيب والمزالق الإدارية والأهمالية والهفوات والتي اخذت تعمق جراحنا وتؤلم قلوبنا وتجرح مشاعرنا وعواطفنا وتحّير عقولنا وتفكيرنا من خلال المعطيات التالية:
•يمدّ الترهّل رجليه في وجه القاطرة التي تكاد تسير، ويقضي ثلاثة عشر فتى لسبب واحد فقط، تلك العقيدة التي يقدّسها العمل الإداري،" أن الأمور ماشية والّي حمّلها بسيّرها "، دون تدريب ودون رقابة ودون عمل ميداني مهني ومحترف وحقيقي.
•ثلاثة عشر ضحية وعشرات الإصابات، نشر لأشرعة الموت في وجه السيّاح والمصطافين، في وجه الاستثمار وفي وجه العائلات التي لا تجد سوى برامج سياحية خجولة.
•تبلغ كلفة السياحة في العقبة أضعافها في اسطنبول أو شرم الشيخ، يجب أن يكون الأردنيون هم المستهدفين بكل الاجتماعات والحوارات واللقاءات في المكاتب وفي الفنادق والمطاعم.
•يجب ان يترافق دعم القطاع الخاص والبحث عن سبل تعزيز عمله، بالتفكير بمشاريع مدعومة تحفّز الناس على التفسّح في متحفهم المفتوح، وتكفيهم مؤونة التراجع الاقتصادي والتنموي والسياحي.
•يمضي الترهل مشرعا خنجره الصقيل في وجه قماش الإصلاح البالي.
•يتساءل الفتية الذين يستقبلوا منظّري الأحزاب في المحافظات عن فرصة عمل قبل ورقة الإنتساب، وعمّا إذا كانوا فقط أرقاما لغايات الترخيص، وعن الفرص غير الوفيرة التي يعرضها الدلّالون أمامهم ليكونوا قادة في الأحزاب، وعن برامج واضحة وشفّافة لا يشوبها عيب في إصلاح السياسة والاقتصاد والثقافة، دون إجابات ودون حتى انتباه.
•يقع الناس في حيرة على حيرة، وتُشرع الأسئلة عن جدوى الإصلاح المنوط بنشوء الأحزاب، بينما لا يجد منتسب الحزب منبرا ولا منصة، يرفع عليها عقيرته في طلب الخبز والعمل والتدريب، في رؤية الموت الذي يتسبب به المترهلون دون اكتراث، ودون حساب ولا حتى توبيخ.
•ليس الناس بحاجة لأحزاب كرتونية هلامية .
•نحن بحاجة لنهضة وطنية شاملة، ركنها الأساس معرفة ما يُحاك من مؤامرات وأزمات ومعارك واقتتال، واستشراف لنوايا أطراف الازمات وشركائهم في إبعاد الناس والأنظمة عن قضايا مفصلية ومصيرية، وتكريس الأمر الواقع، والتغافل عن القدس وفلسطين والجولان واللاجئين، وإشغال البلاد بالقمح والبضاعة التي تتكدّس في ميادين القتال.
نعم نحن بحاجة الى ترياق مناسب يداوي ويشفي جراح الناس الملتهبة والمزمنة، لسنا بحاجة الى تنظير هنا وهناك وجولات استعراضية في البوادي والمدن والارياف، والنوادي والقاعات والمضافات والاحلاف. نحن بحاجة الى برامج تعالج مشكلة الفقر والبطالة. طلاب الجامعات ليسوا بحاجة للانضمام الى أحزاب تفتقر للبرامج الوطنية التي تخدم مخرجات التعليم، نحن بحاجة الى ترياق القضاء على أسباب الفقر والبطالة، وما ان يحتفل الطالب الجامعي في تخرجه، حتى تكون مؤسسات القطاع الخاص بالانتظار لاختطافه الى سوق العمل والعيش حياة كريمة بعيدة عن العوز والحاجة، لا للانضمام الى أحزاب ... لتكملة العدد ولقضاء أوقات الفراغ.