بين الموت الصاخب والموت الصامت
باتر محمد وردم
13-09-2010 03:28 AM
كانت جريمة الاعتداء الارهابي على برجي التجارة العالمي وما رافقها من تدمير لطائرات تحمل مئات الأبرياء في 11 سبتمبر 2001 جريمة ضد الانسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولا يمكن لأية مبررات سياسية أن تغطي على فداحة هذه الجريمة.
صحيح أن التاريخ مليء بعدة جرائم تم ارتكابها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ضد المسلمين ولكن معالجة الخطأ لا تتم بخطأ مثله والذي يرفض قتل أبرياء المسلمين والعرب لا ينبغي له أن يقبل قتل أبرياء من الديانات والجنسيات المختلفة باسم الاسلام والجهاد.
ما حدث في 11 سبتمبر كانت له تداعيات كلف سياسية وبشرية واقتصادية هائلة. لقد تعرض الشعبان الأفغاني والعراقي بالذات لاعتداءات هائلة على الحياة والممتلكات من خلال القصف والغزو الأميركي والاقتتال الداخلي اللاحق للغزو كما تأثر ملايين المسلمين في الولايات المتحدة بتداعيات الحادث الارهابي. وبعد تسع سنوات لا يمكن القول بأن الولايات المتحدة قد نجحت في "حربها ضد الارهاب" الا اذا كان المعيار الوحيد هو عدم تكرار الهجمات داخل الأراضي الأميركية وهذا ما تم من خلال حل أمني مغموس بنسبة عالية من الارتياب والشك ضد المسلمين. ولكن العراق وأفغانستان ليسا في حال أفضل والأسباب الجذرية لتنامي الغضب العربي والاسلامي وخاصة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين لم يتم حلها.
لقد شهد العالم بهول حجم الجريمة في 11 سبتمبر والتي أدت الى مقتل 3500 شخص منهم حوالي 250 مسلما ، ولكن ما هو شعور الناس جميعا لو شاهدوا هذه الجريمة تتكرر يوميا ولمدة 365 يوما في السنة ، طوال السنوات التسع الماضية ، وهل سيتم السكوت على ذلك؟ في كل يوم يموت 4300 طفل في العالم بسبب أمراض قابلة للشفاء أو الحماية في حال وجود مياه نظيفة للشرب ولكن لا توجد أية محاولات عالمية جدية لمنع هذه الجريمة.
ان الفارق ما بين يوم 11 سبتمبر 2001 وبين يوم عادي في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية هو أن الوفاة الصادمة لحوالي 3500 شخص في قلب الامبراطورية الأميركية وفي بث حي ومباشر ساهم في تغيير مسار العالم بينما الموت المؤلم والبطيء والصامت لآلاف الأطفال الفقراء والمعاناة النفسية والعائلية والاقتصادية المرتبطة بها لا تحظى باهتمام.
لقد تكلف تدمير الدولة العراقية واشعال فتنة الحرب الاهلية فيها حوالي 3,5 تريليون دولار منذ العام 2003 وكان يمكن لحوالي %10 من هذا المبلغ المهول أن تحقق كافة الأهداف الانمائية الألفية التي اتفق عليها قادة العالم في العام 2000 وكان يمكن لها أيضا أن تنهي معاناة الأطفال والفقراء في كافة أنحاء العالم من الأمراض القابلة للوقاية والعلاج في حال تم توفر أحد أهم حقوق الانسان وهي المياه النظيفة للشرب.
بعد تسع سنوات من 11 سبتمبر لم يصبح العالم أفضل بل تم هدر آلاف البلايين من الدولارات على القتل والتدمير والفساد والذي ساهم في مصائب جديدة يتعرض لها سكان العالم واستمرار الموت الصامت اليومي لآلاف الفقراء ، وهذا ما يشكل البذرة الرئيسية للغضب والظلم اللذين يظهران على شكل ارهاب وعنف.
batirw@yahoo.com
الدستور