التصعيد الجاري حاليا بين نظام الملالي الحاكم في طهران والكيان الصهيوني على خلفية أزمة البرنامج النووي الإيراني ليس الأول من نوعه منذ الإطاحة بنظام الشاه في العام 1979 وقيام ما عرفت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لكن ما يميز هذه الجولة من التصعيد تزامنها مع أزمة دولية لا تقل خطورة هي الحرب الروسية الأوكرانية وما لفت الانتباه هو وجود قاسم مشترك قوي بين كلتا الازمتين.
في الأزمة الإيرانية نجح الكيان الصهيوني إلى حد بعيد في توظيف ملف البرنامج النووي الإيراني للاندماج في منظومة أمنية إقليمية تحول بعض الأقطار العربية إلى خط دفاع أول عنه في مواجهة أي خطر محتمل بين قوسين ( وهمي ) مصدره نظام الملالي الحاكم في طهران ، بالمقابل فإن الولايات المتحدة الأمريكية حولت الدب الروسي من خلال الحرب الأوكرانية إلى ورقة ضغط رابحة على دول أوروبا الشرقية و البلطيق واسكندنافيا لتوسعة حلف الناتو شمالا وشرقا.
لذلك فمن الطبيعي أن تنتاب الريبة والشك العديد من مراقبي الأحداث و مجرياتها في المنطقة العربية إزاء ما يحدث هنا و هناك و أن تلقى النظريات حول وجود مؤامرات خفية تعقد من وراء الكواليس رواجا واسعا النطاق بين أوساط الجماهير التي تجرعت مرارة النكسات لعقود طوال .
إن الخشية و الخوف يقض مضاجع كثير من عامة الناس من إمكانية أن تكون هذه الازمات المفتعلة المصطنعة من وجهة نظرهم مقدمة لفرض حلول تصفوية مجحفة للصراع العربي الصهيوني والقضية الفلسطينية على حساب حقوق هذه الأمة العربية التي تعاني الأمرين من تواطؤ أعدائها ضدها في كثير من المناسبات التاريخية و ما سايكس بيكو منا ببعيد والتي أبرمت خلال الحرب العالمية الأولى و ما زالت آثارها باقية إلى وقتنا الحاضر عبر واقع التجزئة الإقليمية البغيضة التي فتت الوطن العربي إلى دويلات تفتقر في أغلب الأحيان إلى مقومات الوجود و البقاء في عالم تحكمه شريعة الغاب و منطق القوة الظالمة الجائرة .