نتوجع رغم أنوفنا ليس رغبة في الوجع، ولا تصنعا " للألم، ولا تمثيلا" على الناس، بل نتوجع لأن الألم شديد فهو ينخر العظم ويقطع العصب.
وحين نقول نتوجع تقول لنا الحكومة: اشكروا اللهَ على نعمه "فلدينا حلويات كل واشكر "، لا تحسد نفسك أيها الشعب وكن عاقلا "واتعظ بمن حولك، وارض بالمتعوس حتى لا يأتي أتعس منه. معزوفة نعرفها وأسطوانة مشروخة نسمعها لكن لحنها غير جميل، فنحن نقيم أنفسنا في "المئوية" لننطلق فهل هناك شواهد وإرهاصات على الانطلاق؟، وهل العمل الحكومي مؤسسي؟، وهل المداميك تعلو؟، وهل نتقدم إلى الأمام؟، نتمنى ذلك، لكن الحال يقول شيئا آخر!".
الحال أن الناس لا تثق بالحكومة ولو منحها النواب الثقة!، الحال أن الديون ترتفع كل سنة ببركة صندوق النقد المشبوه المسيس!، والحال أن الشللية مستمرة في الإدارة!، الحال أن الفقر تتسع جيوبه والبطالة في ازدياد مستمر!، والحال أن شبابنا على استعداد لركوب قوارب الموت للهجرة مثل الأفارقة المساكين والعرب المهجرين!، والحال أن الناس تشكو من لهيب الأسعار!، والحال أن الناس ليس لديها أي أمل في المستقبل!، والحال أن المسؤول غير قادر على مواجهة الناس ليقولوا له بحرية ودون خوف وليسمعوا منه تبرير الانهيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية!، والحال أن المسؤول لا يريد السماع واذا سمع فالقرار هو الإهمال ومحاسبة من زلق لسانه من الوجع والألم.
آلمتني رسالة من صديق يقول لي: أنت في الخارج وأنصحك أن لا تعود لأنك قد تجد حرية لا تجدها في بلدك، وقد تجد فرصا "لا يمكن أن تحلم بها في الأردن. واذا كان هذا الكلام يوجه لي وانا في الستينات فماذا يقال لشباب الثلاثينات؟، وإذا كنتُ صاحب رأس يابس أحب مسقط رأسي ولا يمكن أن استوطن غيره فإن الشباب المقهور لن يكون له موقف مماثل بل شعاره "محل ما ترزق إلزق" ولسان حاله: الوطن الذي لا يوفر لي المعيشة الكريمة لا اريده، الوطن الذي ينهبه الناهبون والناهبات لا أواليه، الوطن الذي يرحب بالبرامكة ويَضيق عن استيعاب أبنائه ليس وطني.
بكل صراحة لا استطيع مجادلة الكثير من أقوالهم لأننا كلما قلنا كلمة ينقضها المسؤول بفعله.
آخ يا وطن.
خوفي عليك من المتسلقين ومن العملاء ومن تجار السياسة ومن الفاسدين.
آخ يا وطن
لولا قبور أهلي فيك ، ولولا حبك المجبول ، ولولا بقية الإخلاص الذي أدعيه لكنتُ في بلاد الواق واق.
يا بلدي
ارجوك ساعدني لقضاء ما تبقى من عمري على ترابك ولن أسمح لليأس أن يتسرب لي مهما ازداد الظلام وزادت بشاعة المشهد، لأنني مؤمن بقول الله تعالى "وتلك الأيام نداولها" فلن تدوم يا بلدي لفاسد ولا للص ولا لعاهر وكما طوت السابقين ستطوي غيرهم وكلٌ يحمل بصمته إن خيرا "فخير وإن شرا" فشر .