بين الرواية الرسمية والحكاية الشعبية
د. حازم قشوع
30-06-2022 11:18 AM
مازالت الهوة قائمة في ميزان الثقة بين الرواية الرسمية والحكاية الشعبية، وما زالت الرواية الرسمية تخضع لموجات من التشكيك بحاجة الى مواجهة وتيارات من الاتهامية، البعض منها يستلزم المجابهة بعد ما اخذت هذه الموجات تأثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على الحواضن المجتمعية حتى جعلتها تقبع في خانة السلبية الى حد التضاد الأمر الذي يجعلها بحاجة الى علاجات تقويم تعمل على تقويم هذه العلاقة وتجعلها اكثر انسجاما وموائمة بين مقتضيات الخطاب الرسمي ومناخات الشجون الشعبية.
فالخطاب الرسمي ماطر بقوالب المسؤولية فلا يستطيع الخروج عنها وليس بمقدوره القفز فوق محدداتها، وأما الشجون الشعبية فيمكنها الحديث من أي منظور والتحدث من زوايا عدة فهي تجتهد بما يصلها من اسقاطات وما يتيسر لها من معلومات، البعض منها ينبثق من شجون، هذا ما بحاجة الى مواجهة واحتواء من واقع تحليلي ممنهج يقوم على وضع حلول علاجية تعالج، ذلك بواقعية تصور ومناهج عمل قويم .
وأما الآخر فهو عمل مدبر ويستهدف زعزعة عامل الثقة بين الخطاب الرسمي والحواضن الشعبية وهذا بحاجة الى مجابهة رادعة تحصن المجتمع من تبعات التعاطي مع اسقاطات ذلك وتبين خطورة ما يرسل من هذه الجهات من رسائل مسمومة بحيث يتم الرد عليها دون ابطاء، لأن عدم الرد بهذه الحالة سيجعل ما تم بثه سموم حقيقة في الرواسب الشعبية وهذا ما يجب ازالة رواسبه بين كل مشهد ومشهد على أقل تقدير حتى لا تبقى هذه الرواسب تعكر صفو العلاقة القائمة بين بيت القرار والحواضن المجتمعية.
ولعل من تتبع حادثة مقتل الطالبة الجامعية والحادث العرضي فة ميناء العقبة، يمكنه التوقف ليس على هذه الحوادث العرضية لكن على حجم الغبار الذي إلتف حولها وبدلا من أن يتم الحديث عن سرعة القبض على الجاني الذي نالت فعلته الطالبة الضحية والثناء على المؤسسات الامنية، أخذت مناخات التشكيك والاتهامية ترسم حالة انطباعية وإن كانت ليست حقيقية لكنها مؤثرة لأن الانطباع في ميزان الأحداث أقوى من الحقيقية هذا ما يجب التنبه إليه في ميزان المراجعة.
وأما الصورة الأخرى التي طالت مشهد العقبة وهي إن كانت صورة مفجعة لكن عملية استدراكها كانت سريعة لدرجة الاعجاز الذي استحق التناء من جلالة الملك بعد المتابعة الحثيثة من سمو ولي العهد، وتشكيل لجنة متابعة برئاسة دولة رئيس الوزراء للحيلولة دون تكرارها فإنها بحاجة الى اقرار نظام العقوبة وتحمل تبعات المسؤولة على منظومة العمل الاداري ونظام السلامة العامة حتى يبن للجميع جدية الحكومة في العقاب والحساب خصوصا في موضوع السلامة العامة .
من هنا نستطيع القول إن العمل على التعاطي مع المشاهد والاحداث كما هو بحاجة الى خطط استدراكية أثبتت نجاحها في التعاطي مع الاحداث هو ايضا بحاجة لاستراتيجية اعلامية تعمل على تقليل الهوة وتعزز من ميزان الثقة المطلوب الذي تستهدفة الدولة بكل أركانها فهل سيقام لايجاد استراتيجية عمل اعلامية لتكون جنبا الى جنب مع استراتيجية العمل في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري فإن الأمر بات بحاجة الى بلورة هذه الاستراتيجية والعمل على اطلاقها ،فإن الانطباع اقوى من الحقيقية وهو ما يرسمه الاعلام.