أحقاً نتفاجأ بما يحدث اليوم من جرائم؟ نحن نعيش عصراً غير مسبوق من الفوضى التي تتغذى وتنتعش على الجهل، من ناحية اخرى علينا أن ندرك بأننا مسيرون بالفكر والمنطق ولم نعد نتحكم بحياتنا كما يجب، من أهم الأسباب المنصات الرقمية التي لم تعد وهمية بقدر ما حياتنا اليومية باتت منسوجة على الوهم. هناك فجوة تعززها هذه المنصات الرقمية فيها الفراغ كبير ويكبر ويتسع مع الوقت لدرجة سقط البعض فيه دون أن يدرك ولم يعد قادراً على التمييز أو النجاة منه.
ما الحل ؟ لا حل إذا لم نخف الله ونُحيي الضمير، والا لن تستقم أحوالنا في غياب المنطق والقدرة على أخذ القرار، وضياع ما نسميه «بالمنظومة الأخلاقية» التي هي المقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، والعمل على تفادي الخطأ قبل وقوعه، وإن حدث فالردع أو العقوبة عليه أن يكون قاسيا بحجم الخطأ كي لا يتكرر، ويكون عبرة لمن اعتبر.
كبشر نحن نتعلم بعد أن نتألم، هكذا وُجدنا.
من ناحية أخرى، كثير من اللوم يقع على من هم في مواقع المسؤولية كونهم القدوة من الناحيتين سناً ومنصباً، لأنه من مسببات فشل المجتمعات هو ضعف الارشاد، وعدم إظهار قدوة حسنة يقتدي بها جيل الشباب الذي عليه نسند مستقبلنا. ذلك ليس لانه لا يوجد عندنا شخصيات مبدعة في مجالات مختلفة، بل لان الطبيعة البشرية تستلذ بكل ما هو معاكس ومغاير وفيه اثارة، وتركز عليه. وللأسف اللوم الأكبر يقع على ضعف هيبة الاعلام.
لذا نُلام لاننا، كمجتمعات وأفراد ‹قادة› في منصب قيادي، لم نتمكن من خلق قدوة حسنة نرشد الجيل الصاعد على الطريق القويم. فعندما نتكلم عن الاصلاح بكافة أشكاله السياسية والاجتماعية والاقتصادية علينا أن نأخذ بعين الاعتبار من سيُطبّق هذه السياسات بالمنطق والعقل والارادة وبقلب محب. وعندما نتكلم من الافضل أن نستعجل في التطبيق والا فُقدت الشرعية والثقة وأعطينا مجالاً للغضب والعناد والسخط والضجيج ليحل محل الهدوء والتروي والاحترام ورفض الفساد بأشكاله.
لانه حيث النزاع لا يوجد سلام، ومن دون سلام لا يمكن أن تتقدم وتزدهر المجتمعات، والسلام يبدأ من الافراد ليشمل المجتمعات. أما المجتمع فهم أفراد يجمعهم بيت واحد، وما الشعب والحكومة الا افراد في هذا البيت.
علينا أن نركز انتباهنا بأن تكون افكارنا متحدة وفيها خطط طويلة وقصيرة المدى ونستغل كل الموارد الطبيعة والبشرية التي وهبنا بها الله لصالح البيت الكبير الذي يجمعنا لان الوقت يمر، وسوف نشيخ والحال كما هو الحال.
(الدستور)