تُشَّكِلُ حادثة العقبة أمس الحاجة الضرورية لضبطِ "ضبط الجودة" و السلامة المهنية. نسألُ الله الرحمة للضحايا والشفاء للمصابين. و أن يقينا شرورَ الحوادث من كل نوع. إن وقوع الحادث ليسَ استثناءً و لا هو سِمَةَ الإهمال فالحوادث ستقع تحت أفضل الظروف و في بلادٍ تتسمُ أعمالها بالديةِ و الصرامة. و لهذا فإن معرفة سببَ الحادثة في العقبة يجب أن يُتْرَكَ لجهات الاختصاص و يجب الابتعاد عن نشر التكهنات التي ستظهر على لسان المعلقين.
لكن ضبط الجودة و السلامة المهنية مسألةٌ يجب إيلائها وعياً متواصلاً في القطاعات المنتجة و عند الأفراد. فالملاحظُ أن الثقافة الخاصة بهذا الموضوع تأخذه على محملِ التساهل و التغاضي. و هذا ينطبقُ على المجتمع حتى في الأمور الخاصة عندما لا يلجأ الفرد لاتباع مبادئ السلامة داخل البيت فيما يتعلق مثلاً بالتوصيلات الكهربائية و الغاز. و نراه في الأسواق التي تبيع بضاعةً للاستهلاك الكهربائي لا تتطابق والمواصفات و ترى هذا عندما تريد شراءَ أبسطِ أداة و التخيير يكون بين رخيص و غالي بينما المبدأ الأساس هو بيع ما هو آمنٌ ومطابق للمواصفات. وعلى هذا قِسْ للأمور الكبيرة مثل شاحناتِ لا يجوز أن تسير في الشوارع أو مواد بناء لا يجوز أن تدخل في الإنشاءات. و كلها أمثالٌ مما يعمُ العالم المتقدم والمتطور و المتأخر. الفرق هو في إرادةِ الدولة و قوتها و إصرارها و وعي المستهلكين والعاملين لضبط الجودة و السلامة المهنية لأقصى الحدود.
بالإمكانِ قطعاً تقليص الفجوات فيما يخص الجودة و السلامة عبر مراجعة القوانين و التعليمات و سَنِّ تعليماتٍ مُحدَّثةٍ باستمرار و مفصلة للقطاعات و المنتجات المصنوعة الداخلة أو المصنعة محلياً. و عبر تفعيل الرقابة المتواصلة و تكثيفها و اتباع سياسة الإرشاد و العقاب. بل أن تعليم المدرسة يجب أن يعطي التلاميذ مبادئ وإرشادات الجودة و السلامة.
لغتنا ثريةٌ فهي تقول درهمُ وقاية خيرٌ من قنطارِ علاج. و ديننا يقول لنا أن نُتقِنَ أعمالنا. و يقول كذلك أنهُ حتى الجن و الشياطين الذين كانوا يعملون لسيدنا سليمان ما يشاء من آنيةٍ و خلافه إنما كانوا يعملون تحت نظره الى أن توفاه الله و هو الدليل على الرقابة للعمل حتى للنبي مع عمالِّهِ. و نحن البشر نحتاج للوقاية و إتقان الصنع و الرقابة. و الله الحامي من قبل و من بعد.