ماذا يخبئ تصريح أبو الغيط؟
د. عامر السبايلة
11-09-2010 05:24 AM
في تصريح لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط للتلفزيون المحلي, قال وزير الخارجية أن الفلسطينيين سيحصلون على 50 مليار دولار كمكافأة لتحقيق السلام. الغريب في الموضوع أن أبو الغيط لم يقدم أي توضيح حول ماهية هذا الاقتراح و من يقف خلفه أو حتى من هي الجهة التي ستقوم بتمويل هذا المبلغ الضخم.
و الحقيقية أن توقيت تصريح الوزير المصري و الذي أتى متزامناً مع انطلاقة محادثات السلام يثير كثيراً من التساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذا التصريح و الذي خرج عن رأس الدبلوماسية المصرية الحذرة جداً في تصريحاتها و بالتالي فزلة اللسان ليس لها هنا مكان. فقد أكد الوزير المصري أن مبلغ 40-50 مليار دولار ستُعطى للفلسطينيين لبناء دولة فلسطين و بناء البنية التحتية و تعويض المتضررين الذين خسروا أراضيهم. و المُبهم بالموضوع هنا هو عدم تقديم الوزير أي توضيح لطبيعة الدولة الفلسطينية التي تحدث عنها و كيفية اقامتها ومن هم الفلسطينيون المعنيون بالتعويضات. كل هذه التوضيحات تجنب الوزير الخوض بها و كأن كلماته كانت تقوم بدور المجسات لرصد ردات الفعل التي ستحدثها كلماته, و باعتقادي فان الوزير تجنب الخوض في التفاصيل و اكتفى بهذا التصريح حتى يتسنى له النفي أو تغيير تأويل التصريح في حال تولدت ردات فعل غاضبة أو موجات رفض و اعتراض.
و على الرغم أن تصريحات الوزير -التي عملت الصحافة الاسرائيلية على تسويقها بشكل واضح- لم تثر على الصعيد العربي الرسمي أي ردود أفعال بالرغم من خطورتها, الا أنها أثارات ردوداً من الفعل على الصعيد الأوروبي. فكما نقلت جريدة السياسة الكويتية عن دبلوماسي فرنسي عدم استغرابه لمثل هذا الطرح الا أنه استهجن هذه التصريحات دون تقديم صورة واضحة لهذا المشروع. ووجه الدبلوماسي الفرنسي بعضاً من الأسئلة للوزير المصري العائد للتو من واشنطن حول المصدر الذي استقى منه معلوماته, و من هي الجهات التي ستقدم هذه المبالغ الطائلة لاعادة اعمار ما تبقى من فلسطين –على حد تعبير المصدر- و تعويض أهلها عن الظلم و التشريد الذي لحق بهم.
وعاد الدبلوماسي الفرنسي –حسب جريدة السياسة الكويتية- للسؤال عما اذا كانت ال50 مليارالتي تحدث عنها أبو الغيط تشمل تعويضات دولية لتوطين الثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني و الذين يتوزعون على دول الشتات و خصوصاً الأردن سوريا و لبنان. وأضاف المصدر الفرنسي اعتقاده بأن المحادثات بين نيتنياهو و عباس ستشمل ملف التوطين و ذلك بعد الانتهاء من ملفي الأمن و الحدود و الذين وصفهما بالأهم بالنسبة للجانبين و رأى أن في حال الاتفاق على هذا الملف فان ملف التوطين سيكون الأسهل.
و أعرب الدبلوماسي الفرنسي للجريدة الكويتية عن اعتقاده بأن الفلسطينيين في سوريا و لبنان سيحصلون على 10 مليار دولار كتعويض عن بقائهم في هذين البلدين و أن بعض الدول الخليجية و خصوصاً الدول التي تقف خلف مبادرة السلام العربية ستقوم بدفع نفس المبلغ للنظام السوري و الرئاسة اللبنانية من أجل القبول بطرح التوطين هذا على أساس أن التوطين سيكون ضمن خطة دولية و بالتالي سيكون من الصعب رفض قرارات دولية صادرة عن الأمم المتحدة.
و أضاف الدبلوماسي أن لديه انطباع بأن قرار الحكومة اللبنانية الأخير -مفاجأ التوقيت- حول اصلاحات المخيمات الفلسطينية و الأوضاع الغير انسانية التي يعيشها سكانها منذ 60 عاما قد يكون جزءاً من صفقة ال 50 مليار, و وصفها بالتجربة "البروفة" لسيناريو التوطين لقياس مدى ردة الفعل اللبنانية في حال تنفيذ هذا المشروع.
و هنا لا بد لدبلوماسيتنا الأردنية ألا تمر عن تصريح أبو الغيط مرور الكرام و يجب طلب التفسيرات و الشواهد التي بنى عليها أبو الغيط تصريحاته. و لا يمكن أيضاً ألا نأخذ بتصريحات دولة الرئيس نبيه بري الأخيرة على محمل الجد عندما قال أن: "إسرائيل تحاول تعميق شرخ الصف الفلسطيني وتحاول تحقيق مبدأ يهودية الدولة، أي طرد فلسطينيي 48 ونقل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن. فلا بد لنا اليوم أيضاً من رصد الأحداث على المشهد اللبناني بتمعن و التنسيق المستمر مع الجانبين السوري و اللبناني لما لهذه القضية من انعكاسات على ساحتنا الداخلية.
http://amersabaileh.blogspot.com