مع كل حدث للجريمة قتل تضج المواقع الاجتماعية وتندد بالجريمة النكراء سواء بالأردن أو خارجه. لم تمضي 24 ساعة على مقتل الشابة المصرية نيرة التي هزت مشاعر الإنسانية بقتلها، حتى تفاجأنا باليوم الذي يليه بشابة أردنية بنفس الحدث الذي آثارت غضب الرأي العام الأردني والإنساني.
وأن تشابهت الحالتين في مسمى جريمة القتل وطالبتان بالجامعة ولكن لكل جريمة بيئة وطريقة القتل المختلفة.
هذه الجريمة النكراء التي لامست قلوب الشعوب الإنسانية هل هي الأخيرة؟ ام لا زال المسلسل يتكرر ؟بالطبع الجواب نعم سيتكرر.
تم توثيق الجريمة بالكاميرات والصور ورسائل التهديد ولكن هناك جرائم إنسانية لا توثق بحق النساء ولكن بعضها معروف للأجهزة الأمنية وبعضها للمحيطين والبعض الاخر مجهول وكأنها روايات تكتب من الخيال ولكنها بالواقع أصبحت حقيقة ثابتة أمامنا.
نحن اليوم ونحن نعبر الى مئوية اردنية ثانية هل ما زلنا عاجزين لنعد قوانين تخدم المرأة ونخرج من ثوب مهترئ مر عليه الزمن الى ثوب جديد يلائم مئويتنا الثانية.
على الرغم من بعض التعديلات القانونية للنصوص المتعلقة بحقوق النساء خلال السنوات الأخيرة الا انه لا يزال الطريق وكأنه البداية أمام المرأة الأردنية للتحقيق كافة مطالبها ،وأهم هذه الحقوق كانت خلال عام 2020 م كانت التعديلات على عدد من قانون العقوبات على الجاني في جرائم قتل النساء.
نستذكر في الأعوام السابقة جرائم القتل بحق نساء اردنيات حسب ما رصدته وسائل الاعلام المختلفة، طبعاً ما عدا قضايا الايذاء وهتك العرض وعنف جسدي او جنسي او عاطفي او الاستغلال بجميع اشكاله ..
ان المسح الوطني الذي تجريه الحكومة فيما يتعلق بمدى انتشار العنف ضد الفتيات والنساء يشهد تقصيراً لأنه لا يشمل المتزوجات او اللواتي سبق لهن الزواج ممن اعمارهن 50 عاماً فأكثر وكذلك لا يشمل النساء والفتيات غير المتزوجات ـ من سن 15 عاماً فأكثر لان هناك اكثر من مليون فتاة غير متزوجة حسب المنظمات المختصة بذلك.
أن الواقع الاجتماعي في الاردن يفرض ثقافة الصمت لاعتقادهم من عدم جدوى الحلول من الشكوى أو الخوف من المعنف او العادات والتقاليد او من زيادة الخطر عليهم او الخوف من العنف المؤدي الى إصابات خطيرة قد تودي بحياتهم.
ولا بد من أن نذكر بأن القانون الأردني لا يجرم سوى بعض اشكال العنف الذي تتعرض له النساء .
هناك الكثير من القصص والحكايات المخيفة الواقعة على النساء منها المعلنة ومنها غير معلنة .
وطالما هناك عدم اتخاذ إجراءات محورية من الدولة التي تتعلق بالمنظومات للحماية النساء والفتيات من العنف لن يكون هناك دور مجدي للمنظمات وهيئات حماية النساء.
وطالما هناك عقلية المجتمع باتهام المرأة واعتبارها درجة ثانية تجوز عليها الوصاية بالتنازل عن حقوقها فطريق الدفاع عن المرأة طويل.
يجب أن يكون هناك شراكة قوية ما بين المشرع والحكومة والقضاة الشرعي والنظامي للوصول الى آلية تحمي النساء.
وعلى الرغم من توفر الإرادة السياسية والجهود التي تعمل بها الحكومة في مواجهة التمييز والعنف ضد المرأة الا ان التحديات تحتاج الى جهود مكثفة للتغلب عليها .
واليوم ونحن نعود في عام 2022م الى مسرح مجدداً في الأردن مسرحية قتل النساء والتعذيب وكما لاحظنا خلال الأيام السابقة والتي كانت مفجعة لنا ولكنها ستستمر ما دامت هناك تشريعات تتضمن اعذار مخففة لمرتكبيها وما دام التنمر والعنف يزداد وما دامت الإجراءات مكبلة بتقديم الشكاوي من عدمها وما دامت العقوبة المخففة مرهونة بإسقاط الحق الشخصي اختياراً او كرهاً .
نلاحظ هناك العديد من المؤسسات التي تم إنشاءها في عمان وغيرها للنساء المعنفات لتؤدي دوراً لتقوية وتعزيز الوسائل الدفاعية للمرأة ولكن هل هي كافية؟
طالما لا زلنا نحوم حول فنجان القهوة بإسقاط الحق الشخصي ضمن قانون العقوبات ستبقى الجريمة والاعتداء مسلسل لا ينتهي.