اختلاف الرأي (أفسدَ) الودّ والقضية
عميد زيد الرواشدة
26-06-2022 08:40 PM
قال تعالى في كتابه الحكيم: ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً))
صدق الله العظيم.
ان ما تشهده الساحة السياسية في هذه الأيام من محاولات بناء أحزاب سياسية بنّاءة وفعالة وتنظيم للعمل الحزبي في الدولة الأردنية هو خطوة إيجابية ينبغي علينا جميعاً أخذها بعين الاعتبار والتطلع الى التغيير المرجو. ولكننا للأسف أمام تحدي كبير وشائك حيث انه يجب علينا أن ننجح أولاً في إدارة الاختلاف الحزبي والمنهجي والفهم المطلق بأننا نختلف لاختلاف الأفهام، وتباين العقول، وتمايز مستويات التفكير، الأمر طبيعي جدا، طريقة التفكير والمبادئ التي تشكل شخصية الإنسان تختلف من فرد لآخر هذا واقعنا، فالاختلاف أدب و التعبير عنه فن، إن لم تكن معي فلا يعني أنك ضدي، هذا منطق العقلاء، أما إن لم تكن معي فأنت ضدي!! فهذا المنطق مرفوض أخلاقيا وإنسانيا. ان لا تتشابه الأفكار والآراء وأن يكون لكلّ منا طريقاً ومنهجاً في فلسفة الأمور وفي بناء التصورات وفي الأحلام والتطلعات هو حرية مشروعة لا يحق لأحد منا الانتقاص من جهد الآخر ،فالتنوع والاختلاف ما هو الا كائن قديم كان ولا يزال يعيش معنا وينبغي أن نسلم به ونتكيّف معه ونحاول تطويره والانتقال به إلى الحالة الإيجابية، دعونا نعيش هذه اللحظات التي تعكس الروح الديمقراطية التي نصبو اليها بسلام وفي النهاية نحن ندرك جيدا بأن السلام لا يعني غياب الصراعات، فالاختلاف سيستمر دائما في الوجود .. السلام يعني أن نحل هذه الاختلافات بوسائل سلمية عن طريق الحوار، التعليم، المعرفة، والطرق الإنسانية، ولعل التاريخ في قديمة وحديثه يشهد بأن الحرب أولها الكلام، فالخلاف فقر والاختلاف ثراء.
وان ما يتعرض له اليوم حزب "إرادة" تحت التأسيس من محاولات لتشويه رسالته ما هو الا تهجم على أصحاب الرسالة وخلق للفتن، منتقلاً الخلاف من الموضوعية الى الشخصنة، في محاولة لإقصاء الآخر لأننا لا نؤمن بالتعددية والتشارك والقبول بسلمية ونزاهة التنافس.
حيث يستخدم البعض ضدنا كافة الأسلحة ويوجهون ضدنا رصاصات طائشة، للنيل من هويتنا بالصراع والتجني، ويجدون صعوبة في تقبل حكم العقل من أجل وحدة الوطن أو الاحتفاظ بحبل الود مع الآخرين.
وأظن انه من المجحف حقاً في حق جميع الأحزاب السياسية التي يتم تأسيسها حالياً الحكم المسبق على منهجها ومذهبها وتوجهاتها حيث أنها لا تزال في طور التأسيس واعتقد بأن الانتقاد الهدام في هذه المرحلة ما هو الاّ محاولات تشويه وتشويش للعقول، وبالنهاية الأفعال أبلغ من الأقوال.
اليوم نحن أحوج أكثر من أي وقت مضى لثقافة الحوار وقبول الرأي والرأي الآخر، باعتباره عامل إثراء فكري وحاجة ملحة وضرورية وليست ترفا، للأسف تنقصنا ثقافة الاختلاف، كيف تختلف مع غيرك، وتنقصنا ثقافة تقبل الاختلاف، كيف تتقبل غيرك المختلف معك.
واختتم بقول الشاعر: صديقي أنا انسان وانت انسان اذا فلماذا نحن خصمان هنا!! تنبت الارض لنا ازهارها ثم لا ننبتها الا قنا؟ ارضنا ان شئت تغدو مسكنا واذا شئت استحالت مدفنا!. موطني الانسان لا لون له فاجعل الانسان مثلي موطنا!. صديقي انا انسان وانت انسان لي راس وعينان يدان وقدمان، وعقل ينير الزمان إذا انا وانت متشابهان، نختلف ورغم الاختلاف نحن صديقان.