ليس لوزير الداخلية ووزير العدل ومدير عام دائرة الأحوال المدنية ومساعديهم أن يرتاحو ويستمتعوا باجازة العيد لأن هناك عملا شائكا ومضنيا ينتظرهم ويجب حسم الأمر خلال العطلة ولا وقت يمكن تضييعه اطلاقا فبعد العطلة مباشرة ثمّة يومين فقط اذا لم يتم وضع تصور دقيق لهما فهناك ورطة كبرى جديدة لا مخرج لها.
لدينا 165 الف اسم لا ندري كم منهم سيقدمون طعنا أمام محكمة البداية بقررات لجان دوائر الأحوال المدنية بتغيير دوائرهم الانتخابية، فهل ستعالج محاكم البداية الأمر بالطريقة التقليدية لعمل المحاكم ؟!
مثلا هل يجب ان يقدم كل طاعن وكالة شخصية عبر محام وستجري جلسة تداول بحضور المحامين ومعهم البينات . .الخ! هل يمكن للقضاة ان يقوموا بهذا لآلاف القضايا خلال يومين؟!!
ان آلاف الحالات هي ممن تم نقلهم جزافا الى دائرة مكان الاقامة دون النظر الى انهم مسجلين في بلدهم الأصلي أكان حديثا أم من دورات سابقة وفق الحق الذي اقره القانون فما هي آلية الطعن وما هي البينات المطلوبة وكيف يمكن توفيرها ونحن في عطلة العيد ولن يكون بعدها ثمّة وقت لتحضير البينات ناهيك انه في حالة اجراء جزافي وغير قانوني كهذا لا يجوز ان يعاقب الناخب بأن يترتب عليه هو تقديم البينات ، وهذا بافتراض ان معظمهم سوف يراجع القوائم ويكتشف انه منقول على غير علمه ورغبته وحقه الى دائرة اخرى لعله لم يسجل بها في اي يوم. والأصل انه بنفس الطريقة التي جرى بها اتخاذ قرار خاطىء يتمّ تصويب القرار.
على كل حال لنفكر واقعيا ما الذي يمكن عمله!! لا تستطيع محاكم البداية سوى تجاوز الاجراءات التقليدية فتسمح لأي محام ان يقدم طعنا بقرارات لجان الأحوال المدنية لأي عدد من الناخبين وتقبل القضية ويكلف القاضي "خبراء" لتدقيق الأسماء فيعاد تصويب قرارات الأحوال المدنية سندا لوثائق الأحوال المدنية وقانون الانتخابات الذي يسمح للناخب بالتسجيل في دائرته الأصلية ويعتمد القضاة هذا التصويب. ليس هناك طريقة عملية أخرى. ويجب التفاهم مع الجهاز القضائي على هذا.
لقد نشأ وضع استثنائي بسبب تراكم اخطاء والمسألة الآن هي انقاذ ما يمكن انقاذه ، وعلى السلطتين التنفيذية والقضائية ان تتفاهما على حلّ معقول . وبعكس ذلك سنرى اللامعقول بعينه.
لا يمكن الآن التمسك بالشكليات القانونية بعد ان ورثنا وضعا كله تجاوز على القانون ولنتخيل فقط اي منطق يوجد في ان يتمكن موظف بدون معرفه بقلب مصير عشرات الآف من الناس بجرّة قلم ثم عليهم فردا فردا أن يتابعوا عند المحاكم استعادة وضعهم الصحيح!
في الاعتراضات اتاحت الحكومة لأي فرد أن يعترض على الآف وارتكب موظفو الأحوال المدنية خطأ قبول الاعتراضات سندا الى معيار واحد هو مكان الاقامة متجاهلين الحق الآخر وهو البلد الأصل والتصويب يجب ان يجري بنفس الطريقة أي باعادة التدقيق في القرارت الجزافية وتصويبها ولكن عبر القناة التي قررها القانون للطعن وهي محاكم البداية.
لنضع على الرف الى حين أصل القصّة وملابساتها فلهذا وقت آخر. الان أمامنا عطب غير قابل للمعالجة اذا لم نضع تصورا عمليا تتواطأ فيه السلطتين القضائية والتنفيذية على تجاوز الاليات الشكلية للنظر في الطعون من اجل انقاذ الموقف.