اشتباك الملفات وقرع الطبول!
محمد حسن التل
26-06-2022 02:10 PM
تعب الناس من الصوت العالي و قرع طبول الشعبويات الفارغة و الصورة النمطية المغشوشة حول كل ملف يفتح لمعالجة الخلل به و ازالة صفحات التشوه منه و يسجل لهذه الحكومة أنها فتحت كل الملفات الصعبة والمعقدة و باشرت معالجتها بجرأة دون أخذ اي اعتبار لصوت قرع الطبول من قبل البعض سعياً كما اشرت للشعبويات التي لم تعد علينا إلا بتراكم الأزمات و تعقيداتها، الأمر الذي دفع الناس ثمنه عندما وجدوا انفسهم في مواجهة هذه الازمات.. وكان على الحكومة أن تتحمل سهام النقد الظالم في سبيل معالجة أزمات متعددة و شائكة، في مقدمتها الطاقة التي تشمل الكهرباء والمشتقات النفطية والتعدين وقيامها بالبحث بجدية وإصرار بالجغرافيا الاردنية عن ثروات طبيعية من شأنها إنقاذ الإقتصاد الوطني والتخفيف على الناس والحكومة.
عندما تستمع بذهن صافٍ بعيداً عن أي مؤثرات لمسؤول حكومي من الدرجة الأولى و تشعر أنه يقدم لك معلومات صادقة وصحيحة مدعومة بالوثائق، تكتشف كم أن الصوت العالي و المعلومات المغلوطة التي يرزح تحت زيفها في الكثير من الأحيان مجتمعنا وبالتالي تكون الثقة بينه وبين الجانب الرسمي الضحية.
خذ مثلاً موضوع المياه ففي المعلومات الصحيحة والدقيقة أن من اهم اسباب الأزمة المائية التي نعيشها هذا الموسم والتي يرجع امتدادها لعقود طويلة أن المنحنى المطري تراجع بشكل كبير، وأثر هذا التراجع على كمية المياه في السدود وهذا الأمر من السهل التأكد منه من قبل كل مشكك حيث المعلومات و المعادلات منشورة و مدعمة بآراء خبراء محايدين، إضافة إلى أن آبار جوفية كثيرة كانت رافداً لمخزون المياه لدينا إستنزفت و بدأت بالنضوب.. وأسباب كثيرة تفعل فعلها في تعميق الأزمة المائية كالإرتفاع الملحوظ الذي طرأ على حجم سكان المملكة ناهيك عن ضعف ثقافة ترشيد الإستهلاك لدينا حيث لم نصل الى الدرجة التي نتعامل فيها مع المياه كعنصر حياة نادر ومرشح دائما للفقد،، وفوق هذه الاسباب وغيرها تأتي مشكلتنا المزمنة مع سد الوحدة الذي لا زال الأشقاء في سوريا يتجاهلون حصة الأردن العادلة من مياهه رغم أنه بني على حساب خزينته، ولكن قاتل الله الإتفاقيات التي أقل ما يمكن وصفها بالتسرع وعدم الدراسة المطلوبة، كذلك عدم الانتباه للمصلحة الوطنية الاردنية؛ومع كل هذا الصعوبات تكتشف أن ما يقارب من 80% من مياهنا تأتي من مصادرنا الذاتية.
الحديث عن النية التي تتجه لتعديل اسعار المياه في نهاية 2023 وتسليمه من قبل أصحاب الأبواب اياهم مرتبط بتحسين الخدمة إن حدث، حيث تتمكن وزارة المياه وأذرعها من زيادة الكميات التي تضخ للمواطنين وبالطبع هذا له كلفة مرتبطة بإعادة تأهيل الشبكات ومحاولة السيطرة على كميات المياه المفقودة لابد أن تغطى مالياً.
المهم أن الاشتباك مع هذا الملف قائم و نرجوا أن تكون نهايته للصالح العام، ونتمكن من محاصرة مشكلة شح المياه في الأردن ولا اقول التغلب عليها لأن هذا خارج عن الإرادة.
وبالعودة الى ملف الطاقة حين تستمع إلى المسؤول الأول في الحكومة عن هذا الملف كيف لعبت عملية ازالة التشوهات منه أن توفر على القطاع الصناعي و التجاري ملايين الدنانير من كلفة الكهرباء الأمر الذي يشكل دعماً حقيقياً للإقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أن المواطن بدأ يشعر بعدالة فواتير الكهرباء بعد إزالة التشوهات التي كانت موجودة في عملية الدعم ونذكر كم تحملت الحكومة عندما بدأت بالتعامل مع هذا الملف، لكنها اصرت على خطتها ونفذت مشروعها فكانت النتيجة منصفة للجميع.. وهذا نصف الطريق في رحلة إنهاء ملف الطاقة والنصف الثاني كما أشرت يتعلق بخطوات حكومة الدكتور بشر خصاونة الجادة في البحث عن النفط و النحاس ومعادن اخرى كالذهب والبدايات مبشرة في هذا المجال.
ما اريد ان اقوله أن الحكومة تعمل بإصرار حسب التوجيهات الملكية في الملف الإقتصادي وقد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال وكان انجازها في التعامل مع استحقاق خدمة الدين العام و التزامها في هذا المجال يشكل شبه معجزة في ظل الظروف الإقتصادية المعقدة.
عندما نستمع لبعضنا البعض بأذهان صافية ونوايا صادقة نصل إلى التفاهم المطلوب بين جميع اطراف المعادلة الوطنية متغلبين على صدى الأصوات العالية الباحثة عن الشعبوية والتي يغير أصحابها مواقفهم في الغرف المغلقة ويطلقون أبواقها عندما يخرجون منها للفضاء العام.