سابقة غير معهودة في تاريخ وزارة الخارجية
السفير الدكتور موفق العجلوني
26-06-2022 11:59 AM
حقيقة ما جرى في وزارة الخارجية قبل الخميس الفائت يعتبر سابقة غير معهودة في تاريخ وزارة الخارجية على اقل تقدير منذ عام ١٩٨٢ اي منذ أربعون عاماً .
نعم على حد علمي ومعرفتي وأهل مكة أدرى بشعابها، لم يحصل ان يقوم وزير خارجية بالخروج على "العرف السائد " في تاريخ وزارة الخارجية من حيث تكريم أحد السفراء والذي كان يشغل منصب الأمين العام وتم نقله الى احدى السفارات في الاتحاد الاوروبي ليتولى مهامه الجديدة سفيراً مفوضاً وفوق العادة.
السابقة ليست من حيث إقامة حفل استقبال في وزارة الخارجية في الساحة العامة على مدخل كبار الزوار. المفاجئة ان يشكر الوزير الأمين العام باسم كافة موظفي الوزارة وان يشيد بجهود الامين العام ودوره في تذليل العديد من العقبات والصعاب والقضايا الشائكة خلال السنوات التي تولى فيها منصب الأمين العام وخاصة خلال فترة كورونا والازمة الروسية الأوكرانية وعودة الطلبة الأردنيين الدارسين في الجامعات الأوكرانية، متمنياً له التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة. وعلى الرغم بأن الأمين العام من خيرة السفراء في وزارة الخارجية ادباً وخلقاً وادارة وامانة ودبلوماسية ويستحق كل تكريم، وعهدي به منذ سنوات، ولا أنسى وانا في طريقي من عمان الى واشنطن مرورا في بروكسل عام ١٩٩٨ أي قبل ٢٤ عاماً، وكان عليّ الانتظار عشر ساعات في المطار، الامر الذي وجدتها فرصة لزيارة سفارتنا في لاهاي والتي افتتحت لتوها، وما ان وصلت السفارة حتى كان في استقبالي الزملاء يوسف البطاينة وضيف الله الفايز. وحقيقة غمروني بكرمهم و اخلاقهم العالية و زمالتهم الحقة، وامضيت يوماً حافلاً في ربوع لاهاي و بروكسل علاوة على استضافة كريمة في بحر الشمال و استضافة في منزل الزميل يوسف البطاينة و بحضور الزميل ضيف الله الفايز ، و اصرارهم على مرافقتي ووداعي في مطار بروكسل الساعة العاشرة ليلاً .
عندما تولى معالي ايمن الصفدي وزارة الخارجية بـ ١٥ كانون الثاني ٢٠١٧، كتب مقالاً منشوراً في وكالة عمون الغراء بعنوان، " ايمن الصفدي بين هوامش الماضي وأمل المستقبل " تاريخ ٢٩/١/٢٠١٧، اقتبس منه هذه الفقرة:
"اعتقد ان توقعاتي قبل 16 عشر عاما في روما جاءت في محلها ، نتمنى لمعالي الاخ ايمن الصفدي كل التوفيق والنجاح في مهمته غير السهلة، وان يكون بحجم القيادة الاردنية وثقة جلالة الملك حفظه الله، وان يأخذ سياستنا الخارجية الى معارج التقدم والنجاح وان يتعزز الحضور الاردني على الساحة العربية والدولية وان يكون للأردن كلمته، وان تعود وزارة الخارجية الى ألقها وحضورها وسمعتها الطيبة في الداخل والخارج وان تكون سفاراتنا وسفراؤنا ودبلوماسينا في الخارج بحجم الاردن الملكي الهاشمي وقيادته الهاشمية، وان يمثلوا الاردن خير تمثيل، والسهر على مصالح الاردن العليا وخدمة الاردنيين في الخارج ورعاية المصالح الاردنية من حيث جلب الاستثمار وتشجيع السياحة، وان يكون معاليه على مسافة واحدة من كافة السفراء والدبلوماسيين سواء الاردنيين او السفراء المعتمدين في المملكة من الدول الشقيقة والصديقة، وان يكون اهتمام خاص بالسفراء المسلكين واخذ مواقعهم الصحيحة في السفارات الاردنية في الخارج."
يبدوا لي ان سيماهم في وجوههم، وهذه هي اخلاقيات ايمن الصفدي منذ ان عرفته، فلا غرابة ان يكيل كل هذا الاطراء والمديح للزميل البطاينة لان شخصيته تتمتع بهذه الصفات، بنفس الوقت فالزميل يوسف البطاينة يستحق كل تكريم.
وحقيقة هذه سابقة في تاريخ وزارة الخارجية تسجل للوزير الصفدي، لا بل سنة حسنه سنها ايمن الصفدي بوزارة الخارجية له اجرها ...!!!، فالكلمات التي وجهها للزميل يوسف البطاينة كانت من القلب وكانت عبرة لوزراء الخارجية السابقين ودرساً لوزراء الخارجية القادمين كيف يكرمون زملاؤهم السفراء.
في الوقت الذي قام نفر من وزراء الخارجية السابقين ... بكل اسف بإيقاع سيف الظلم واللا انسانية على نفر من السفراء، و لم يكتفوا بذلك فقط و انما سرقوا سنوات عديدة من أعمارهم و حقوق عائلاتهم دون وجه حق و ظلماً و بهتاناً و زوراً .
نعم ما قام به ايمن الصفدي كان سابقة في وزارة الخارجية. فرغم عتبي الشديد على معاليه ....!!! مع تقديري لمسؤولياته الجسام وضيق وقته ومشاغلة و سفرة و برنامجه المضغوط، لوضعه ببعض المسائل التي تتعلق بأخذ وزارة الخارجية والدبلوماسية الأردنية الى معارج التقدم والنجاح، الا انه يستحق كل الشكر والتقدير على تكريم احد الزملاء بعد انتهاء مهمته كأمين عام بسبب التحاقه ليمثل جلالة الملك و الأردن خير تمثيل في احد الدول الأوروبية.
نعم هذا هو ايمن الصفدي الذي عرفته عام ٢٠٠١ بكل الصفات الحميدة ( نفس المقال ):
"و هنا كما يقول المثل " أهل مكة ادرى بشعابها " فقد التقيت بالسيد ايمن الصفدي عام ٢٠٠١ في ايطاليا و في فندق هلتون كفاليه في روما، على مأدبة عشاء بحضور كل من دولة الدكتور فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي في تلك الفترة، و سعادة الزميل عمر الرفاعي حيث كان السفير الاردني في روما (٢٠٠٠- ٢٠٠٤ ) والسيد ايمن الصفدي من مكتب جلالة الملك و آخرين من الوفد المرافق لجلالته حيث كان جلالته حفظه الله يقوم بزيارة رسمية لإيطاليا ."
ها هو أيمن الصفدي يتألق أكثر فأكثر، نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للخارجية و شؤون المغتربين، خلقاً وادباً و سياسة و دبلوماسية، واحتراماً و تقديراً لزملائه في وزارة الخارجية والذين اثبتوا جدارة و مهنية عالية في توليهم المهام الدبلوماسية والإدارية في وزارة الخارجية و في تمثيل الأردن خير تمثيل في الخارجية مخلصين للقيادة الهاشمية قائمين بواجباتهم خير قيام التزاماً بالقسم الذي اقسموه امام جلالة الملك حفظه الله .
نعم شكراً لمعالي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأخ ايمن الصفدي، بوركتم وبارك الله فيكم واكرمكم المولى عز وجل على تكريمكم لعطوفة الزميل الدكتور يوسف البطاينة متمنين له كل التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة في المانيا. بنفس الوقت نتمنى لسعادة الزميل حازم الخطيب كل التوفيق والنجاح، وان شاء الله خير خلف لخير سلف .
منتهزا هذه المناسبة بالتوجه لمعالي الوزير الصفدي ان يعطى جزءاً من اهتماماته للسفراء السابقين و لقاءهم ، و الذين من المفروض ان يكونوا بمكانة المستشارين و أصحاب الخبرة لوزير الخارجية تيمناً بالدول الأخرى، فالسفراء السابقين لديهم الخبرة و المراس والتجربة و الحكمة و العقلانية و بعد النظر في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية ، و يمكن الاستفادة من خبراتهم الطويلة في السلك الدبلوماسي في الداخل والخارج .
من جهة ثانية ارجو ان اذكر معالي الوزير و يشاركني كافة الزميلات والزملاء الدبلوماسيين السابقين ان لهم حقوق على وزارة الخارجية، فقط افنوا شبابهم في خدمة الأردن في الداخل والخارج، و صدرت هنالك ارادات ملكية سامية بتخصيص قطع أراضي ، و تم تأسيس جمعية موظفي وزارة الخارجية ، علاوة على منحهم سيارة بدون جمرك اسوة بضباط القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ، مع الاحتفاظ بجوازات سفرهم الدبلوماسية بصفة سفير دولة (Ambassador of State ( كما هو متبع في العديد من دول العالم . فالسفراء السابقون هم سفراء جلالة جلالة الملك ويستحقون كل احترام و تقدير. و ما عرفناه عنكم معالي الوزير ، لن تبخل بتحقيق امنيات السفراء السبقين والذي يتطلعون لمعاليكم بكل تقدير واحترام . علاوة على تخصيص مقر دائم للنادي الدبلوماسي بحيث يكون ملتقى لكافة الدبلوماسيين سوآء السابقون او الذين على رأس عملهم .
وفقكم الله معالي الوزير لخدمة السياسة الخارجية الأردنية و إدارة وزارة الخارجية في الداخل و الخارج، و اخذ وزارة الخارجية و جهازها الدبلوماسي و الإداري الى معارج التقدم و النجاح، و سدد على الخير خطاكم لما يلبي طموح جلالة الملك حفظه الله .
muwaffaq@ajlouni.me
مركز فرح الدولي للدراسات والابحاث الاستراتيجية