الخبر وما أدراك ما الخبز، إنه أول بل وأقدم صناعة غذائية للإنسان أنتجها من الحبوب بطريقة بدائية، وأقدمها من الشعير، حيث كانت زراعة الحبوب وبخاصة القمح من أولى الزراعات التي قام بها الانسان ومن ثم بدء طحن الحبوب برحى حجرية قبل نحو 8 ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد، ليصبح الخبر الذي أصبح أهم عنصر في نظام الغذاء الإنساني، وبدأت العلاقة بين الخبز والحياة والإنسان.
أصبحت النظرة إليه ذات مكانة قدسية واجتماعية فاعتبره الانسان مصدر الخير والتفاؤل، واعتبرته شعوب أخرى نعمة من نِعَم الخالق.
أما إجتماعياً، فقد استخدمته بعض الشعوب من معززات الروابط الإجتماعية بين البشر (بيننا عيش / خبز وملح).
الخبز والشعوب
تختلف طبيعة الخبر حسب الحبوب جغرافياً، والقمح في أوربا وأفريقيا، والدرة في أمريكا، والأرز في آسيا، أما القمح فهو من أولى الزراعات التي قام بها الإنسان، في حوض البحر الأبيض المتوسط وما بين النهرين وفي وسط آسيا- ومنه صنع الخبز، ويختلف الخبز حسب الطبقات الإجتماعية: فالفقراء كانوا يأكلون خبز الشعير الداكن، والأغنياء كانوا يأكلون خبز القح الأبيض، وقد انعكس الأمر في المجتمعات المعاصرة، فأصبح خبز الشعير على موائد الأغنياء، حيث يعانون من داء السكر، بينما الطبقات ما دون ذلك يجدون أمامهم الخبز الأبيض المدعوم.
الخبز وحركات الشعوب
كان الجوع من دوافع حركات الشعوب، وبخاصة بسبب ندرة الخبز، حيث شهدت مصر عام (2020) ق.م حراكاً ضد الملك (بيبي الثاني)، وشهد القرن الحادي عشر الخروج على الخليفة المستنصر بالله بما عُرف (بثورة الجياع) وفتنة الخبز في دمشق، حكم ارغون شاه، وكانت ندرة الخبز من عوامل قيام الثورة الفرنسية (1789) الفئات الفقيرة، وكان دور الجوعى وندرة الخبز كبيراً في إنجاح الثورة البلشفية (1917)- الأرض والخبز والسلام وكثيرة هي الثورات المرتبطة بالخبز كمادة حيوية وأساسية لغذاء عامة الشعب.
الخبز والسياسة
ارتبطت مادة الخبز بالسياسة في العصر الحديث، كمحرّك للشعوب والإضطرابات، بدوافع مادية ومعنوية وثقافية وتاريخية، فجاءت انتفاضات الشعوب تعبيراً عن رفضها المَسّ بمادة الخبز تحديداً. فكانت انتفاضات اندونيسيا وأمريكا اللاتينية، الأرجنتين، الأكوادور وبوليفيا، كما شهد العالم العربي انتفاضات مماثلة: مصر 1977، السودان 1985، تونس 1984 ، الجزائر 1988، وثورات الربيع العربي التي رفعت شعار (عيْش- حرية- عدالة)، فهل من مدكّر!.