في سيكولوجية الجماهير .. وزير الأوقاف وأنا
د. ذوقان عبيدات
25-06-2022 06:31 PM
سأعرض عددًا من حقائق علم النفس الاجتماعي وسيكولوجية الجماهير ثم انعكاساتها على منهاج رياض الأطفال فيما سُمّي غزوة مناهج الرياض.
في سيكولوجية الجماهير نتفق على الحقائق الآتية وهي ليست آراء فردية:
١- يمتلك الجمهور وحدة ذهنية حتى لو تشكل عبر وسائط التواصل، وهذا الجمهور يتحرك بالعدوى وينقاد لأول شخص.
٢- بمجرد انضمام الفرد حتى لو كان عاقلًا مفكرًا يفقد رصانته وحكمته ويتصرف كأي فرد جديد لكن ضمن الجمهور. فقد ينساق أستاذ جامعي مع جماعة غير متعلمة ويتحدث كسائر أعضائها.
٣- إن دخول الطبقات البسيطة إلى عالم التواصل يشعرها بالعظمة ويزرع في ذهنها أنها قائدة المجتمع وحارسة قيمه، وأن الفرد بعد أن يذوب في الجماعة يفقد الوعي ويتصرف كمُنَوّم مغناطيسيًا فاقدًا قدرته على التمييز.
٤- تعتمد الجماعة على قانون الخيال والحماسة وتتخلى عن كل عقل فردي، ويسهل أن تتحول الجماعة إلى جماعة تحريضية لا تستند إلى عقل ومنطق! ولذلك يفشل من يواجهها بالعقل!
وبمجرد الانضمام إلى مجموعة ينزل مستوى الفرد العقلي درجات لينسجم مع متوسط هيجان تلك المجموعة.
٥- وبخلاف الإنسان المعزول القادر على التأمل بعيدًا عن فوضى الجماعة وربما الحزب يبدو المنسجم مع الجماعة دون فكرٍ ناقد، فيصدق ما يقال له ويبدأ القتال دفاعًا عما قالوه له.
٦- في الجماعة يتساوى العالم مع الجاهل بنفس المنطق، وكما قلت سابقًا قد ينجر حكيم ليطلب النصح من غبي جاهل!
وإن بساطة الجماعة وسذاجتها تحميها من أي محاولة للشك، ويصبح الفاسد والجاهل والمجنون أحرارًا من أمراضهم ومالكين لقوة مشروعة جدًا.
٧- والعدوى في الحكم هي التي تقود الجماعة، فالشاهد الأول يدلي بشهادته حتى تدعمه كل الشهادات اللاحقة.
٨- يرفض الجمهور أي نقد، فالجمهور كالشخص الضعيف يرفض النقد ويربطه بقوة عليا كأن يقول: هذا احتقار لمجتمعنا، إذلال لعاداتنا، خروج على ديننا، إساءة لأخلاقنا، فيربط نفسه بهذه المثل ويعلن أن خصمه يهددها.
هذه هي ملامح الروح الجمعية، وقد ظهرت تجلياتها في عدد من القضايا غير المعقولة..
وأخيرًا، قضية رياض الأطفال ومناهجهم التربوية:
كيف استثمرت الغوغاء"الروح الجمعية" هذه القضية؟
قالوا هناك تدبير محكم للوقوف ضد الدين مع أن الشخص الأول هو شخصية دينية محترمة!
قالوا إنها هجمة ضد القرآن الكريم وضد تعلمه، وتفننوا في أنه الطريق الوحيد لتعليم اللغة!
لم يكن الدين مطروحًا ولا تعليم القرآن بل المخاوف على أطفال الروضة ومناهجها، وأضيف أيضًا، وربما كانت لدى مؤسسات الدولة خوفًا مشروعًا من استغلال هذه المؤسسات لنشر فكرٍ متطرف عبر غياب رقابة عليها!
إذاً قلبوا المحتوى إلى رفض تعليم القرآن مدعومين بجماعات منظمة ما أن أعلن أحدهم ذلك حتى تبعه المئات من شتم واتهام وقد نالني قسط وافر لأنني وقفت مع منطق وزير رسمي!
وهذه الشتائم لم تجيء من أغبياء وساذجين، لا ساهم فيها أساتذة بل هيئات جامعية بحكم العدوى وانتقال الروح الجمعية!
وكسائر الحملات الهوجائية سرعان ما انتهت، لكن تركت آثارها لكل من تسوّل له نفسه الوقوف أمام غوغائهم مستقبلًا!
في المقالة التالية سأتحدث عن طبيعة الأقوال التي وجهت لي في غزوة رياض الأطفال مقلدين ما صنعه زملاء لهم في معركة صفين