عودة الدفء للعلاقات السعودية الأردنية
نبيل غيشان
25-06-2022 10:27 AM
زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للأردن والحفاوة الكبيرة التي قوبل بها في عمان تركت انطباعا شعبيا وإعلاميا بان العلاقات بين السعودية والأردن سائرة الى تحقيق مستويات أعلى من التفاهم السياسي والتنسيق والتبادل الاقتصادي والخروج من المنطقة الرمادية في العلاقة السابقة.
الرأي العام لم يستغرب حفاوة التكريم الأردني، بحيث يكون جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده على رأس المستقبلين في المطار، لان القصر الملكي يعرف أن هذه الزيارة لولي العهد السعودي (مصر، الأردن، تركيا) كانت رسالة للمجتمع الدولي وللرئيس الأمريكي القادم الى السعودية في منتصف الشهر المقبل.
وقد حرص البيان الختامي الذي صدر بعد الزيارة على حسم التكهنات والجدل السابق في ثلاثة مواقف شابها الغموض وعدم الوضوح بين البلدين أولهما الالتباس في موقف المملكة العربية السعودية من الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ومحاولة البعض الإشارة الى وجود نية سعودية لمنافسة الأردن في الوصاية على المقدسات. وبدد البيان المخاوف الأردنية ب (اعتراف المملكة العربية السعودية بأهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والحفاظ على هويتها العربية الإسلامية والمسيحية).
وثانيهما موقف الأردن الداعم للسعودية في أحداث اليمن ودعم حل سياسي شامل للازمة اليمنية وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار اليمني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، بعد أن كان العتب السعودي على الأردن بان طائراته الحربية لم تشارك في العمليات العسكرية هناك رغم أن الأردن انضم للحلف الدولي الداعم للموقف السعودي.
وثالثهما قضية المحكوم باسم عوض الله، حيث أن الضيف ولي العهد السعودي وأيا من مرافقيه لم يتطرقوا الى "السجين"، وهو استمرار للموقف السعودي المتحفظ الذي لم يسأل عن باسم عوض الله إلا في الأيام الأولى لتوقيفه، عندما حضر وفد رسمي للمطالبة باصطحابه الى الرياض في حين رفض الأردن الطلب، الى أن صدر حكم قضائي قطعي بسجنه 15 عاما بتهمة (التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر) في القضية التي عرفت ب "الفتنة".
والمعلوم أن أيا من أفراد السفارة السعودية في عمان لم يحضر جلسات محاكمة باسم عوض الله ولم يزره في سجنه رغم حمله الجنسية السعودية وتسلمه منصبا رسميا ما زال راتبه ينزل في حسابه الشخصي كل أخر شهر.
البيان الرسمي في جانبه الاقتصادي جاء بجمل عمومية فضفاضة ولم توقع مشاريع بعينها لكنه أكد على العمل (لزيادة مستوى التعاون الاقتصادي الاستثماري لتحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة.. في قطاعات التعدين والبنية التحتية والزراعة والسياحة والثقافة والرعاية الصحية وتقنية المعلومات).
يأمل الأردن الرسمي من هذه الزيارة أن تدعم فرص الاستثمار في الاقتصاد الأردني ومضاعفة الاستثمارات السعودية من خلال تحويل الوديعة السعودية في البنك المركزي الأردني (350 مليون دولار) الى قرض ميسر طويل المدى او تحويلها الى استثمار. وقد أعدت الحكومة ملفا بفرص الاستثمار المحلية التي تأمل عمان تسويقها الى الصندوق السيادي السعودي او شركات القطاع العام وفي مقدمتها مشروع سكة الحديد الوطنية من الشمال الى الجنوب (بتكلفة 2 مليار دينار).
وترغب عمان بالاستفادة من مشروع نيوم - تبوك القريب من ميناء العقبة وخلق فرص عمل كبيرة للأردنيين في المشروع الضخم. وقد عرض الجانب الأردني على الحكومة السعودية تخصيص رصيفين في ميناء العقبة للمشروع السعودي لاستعمالهما في استيراد المعدات والبضائع الى (نيوم) لا سيما وان العقبة اقرب كثيرا للموقع من ميناء جدة السعودي على البحر الأحمر.
في الجانب السياسي ورغم كل الخسارات التي منيت بها القضية الفلسطينية بأيد عربية سعت الى التطبيع مع العدو الصهيوني، إلا أن البيان أكد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والعادل مؤكدا على (إطلاق أفق سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس ووفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية).
ورغم قناعة الأردن و موقفه المعلن والمؤيد للاتفاق النووي الإيراني ( 5+1) الذي وقع في عام 2015 وكذلك تأييده لمباحثات فينا للعودة للاتفاق الذي خرجت منه الولايات المتحدة باعتبار أن الاتفاق يضمن سلمية البرنامج الإيراني فيما كانت المملكة العربية السعودية ترفضه، أكد الطرفان على (دعم الجهود الدولية المستهدفة للحؤول دون امتلاك إيران سلاحا نوويا وضمان سلمية برنامج إيران النووي).
راي اليوم