جسور الثّقة السّياسيّة غائبة أم معدومة
حاتم القرعان
24-06-2022 10:22 PM
الدّولة بمجموعة التّكوين لها أفراداً وحكومات وسياسات ، وموقع جغرافيّ محدّد، لها هويّة تحدّد ماهيتها وشكلها ، قويّة أم ضعيفة ، ومجموعة من الممارسات للأفراد الذين يقطنون عليها تحت نظام حكم واحد ، وتقوم الدّولة بالتّعاون لتحقيق أنشطتها المُختلفة ، لدوام مبدأ البقاء والتقدّم .
ويعرّف المفكر الألماني ماكس فيبر ، الدّولة ، بأنها منظمة سياسيّة إلزاميّة ، مع حكومة مركزيّة تحافظ على الاستخدام الشرعيّ للقوّة في إطار معيّن من الزّمان .
هيبة الدّولة ، وقوّتها ، ومكانتها ، مفاهيم مهمّة ومُختلفة في إستخدامها ، لكنّها ترمي إلى بقاء الدّولة في خانة القوّة ، لا الإستعباد ، وتبقى الحاجة مُلحّة ، لوجود جسور الثّقة ، بين الحكومة والشّعب على وجه الخصوص ، والدّولة بشكل أوسع ، للحفاظ على هيبتها ، على الصّعيد المحليّ ، والعالميّ .
ترتبط قوّة الدّولة ، بإمتلاكها عنصرين مهمّين ، الماديّ أولاً ويشمل قدرتها الإقتصاديّة ، وقدرتها العسكريّة ، وقدرتها السياسيّة ، وكتلتها الحيويّة، والمعنويّ ثانياً ، ويشمل هذا الجّانب ،إرادتها القوميّة ، وأهدافها الإستراتيجيّة ، وقدرتها الدبلوماسيّة مع الدّول ، عربيّة ، أو أجنبيّة ،وتعبّر هذه العوامل عن الشّكل الخارجيّ للدولة.
الثّقة السّياسيّة للشعب الأردنيّ بحكومته ، يعيش حالة من الذّبذبة ، والإنعدام أحياناً ، فالحكومة ، وجدت للحفاظ على المشاريع " المختلفة " للدولة ، وسخّر لها من العناصر والتّمكين ، ولتصلح ما أخفقت بهِ الحكومات المتعاقبة ، لكنّ ، الأمر أصبح مندياً للجبين ، وثقة معدومة تجاههم ، بسبب القضايا المحليّة المتراكمة ، والعجز عن الحل ، حسب دراسة سابقة ، لمركز الدّراسات الإستراتيجيّة الجامعة الأردنيّة ، اعتبر ٢٥% من الأردنيين ، أن البطالة أكثر القضايا المحليّة ، وهذا محطّ إهتمامهم، ثم العجز الإقتصاديّ بصفة عامة بنسبة ٢٢%، أمّا الفقر بنسبة ١٣% .
منذ سنوات طوال ، تجد العلاقة بين الشعب الأردنيّ والحكومة ، حلقة مفقودة ، لأنّ هذا الشّعب يعي تماماً ، بأنّ هذه الحكومات ، فشلت فشلاً ذريعاً ، وسقطت سقوطاً مدوياً ، أضاع بحضرته ، جسور الثّقة بين أركان الدّولة ، وأن هذه الحكومات المتعاقبة ، ليس بمقدورها تمثيل الشّعب ، لأنّنا نشاهد أيّ حكومة جديدة ، ينقضي عمرها السّياسيّ ، ترحل ولا تذكر أبداً ، لإنها لم تكن قادرة على بناء القُرب الحقيقيّ من هذا الشّعب ، أو مشاركته " الملح ".
فقدان الثّقة ، حتّى على مستوى الأفراد ، يصنع شرخاً ، ويهدم التّواصل ، والتّفاعل بينهم ، فيعرض هذا ، ويعرض هذا ، ومن هنا يُصنع " الفتق " الواسع ، وجود هذا المفهوم داخل أروقة الدّولة ، يعطل من سيرها ، ويظهر أثره جليّاً في أعداد المُغتربين ، بحثاً عن العيش بكرامة ، هرباً من الواقع ، وينجلي ذلك بأعداد المُحبَطين أيضاً ، وتجد الأحاديث في الشّوارع ، حول تلك العلاقة ، تحمل في طيّاتها القهر ، ونفاد المقدرة , ونذيراً للشؤم.
لا يَخدعَنكَ هُتاف القومِ بالوَطنِ …
فالقومُ في السرِّ غير القومِ في العَلَن…
حفظ الله الأردن وشعبه وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين.