زيارة ولي العهد السعودي واستراتيجية التشبيك الملكي
المحامي فايز بصبوص الدوايمة
24-06-2022 12:47 AM
أي مراقب موضوعي يستطيع أن يقرأ دون عناء يذكر أن استراتيجية التشبيك التي انتهجها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المفدى، والتي كنت قد نوهت لها سابقا جعلت مفهوم التكامل العربي البيني والإقليمي هو مفتاح الحل الحقيقي للتنمية الاقتصادية المستدامة والتي انغمس في التأسيس لها جلالة الملك بعد عودته من زيارته الأخيرة للولايات المتحدة كنتيجة طبيعية للآثار الاقتصادية التي تمخضت عن جائحة كورونا، والتي لا يمكن لأي دولة بمفردها مواجهتها وبدأ جلالة الملك بزيارة كل الدول في الإقليم من خلال نهجه ل «تشبيك بيني» من أجل تكامل في مواجهة آثار الجائحة، حيث انخرط الأردن في كثير من الاتفاقيات ومذكرة تفاهم مع العراق ومصر، واتسع ذلك التعاون ليشمل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، مع ترك الباب مفتوحا من أجل بناء تكامل إقليمي يضم كل من يرغب من دول الإقليم ارتكازا على أن التوافق والتعاون والتكامل التنموي كسمة جامعة لمشروع التشبيك الملكي الاقتصادي والتنموي.
كل ذلك الحراك جاء قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي أخذت أبعادها تطال الأمن الغذائي والتنموي، والتي ستمتد آثارها حتى تطال الاستقرار الامني، والأمن الاجتماعي لكثير من الدول.. هذه الأزمة أثبتت صحة الاستراتيجية الأردنية بالتكامل والتشابك بين الدول لمواجة فعالة لآثار هذه الازمة العالمية خاصة انها تاتي وما زالت آثار وارتدادات زلزال كورونا حاضرة وبقوة.
من هنا تكمن أهمية زيارة ولي العهد السعودي إلى الاردن والتي تعتبر زيارة تاريخية في بعديها الاقتصادي والسياسي، في ظل مشروع التحديث الشامل الذي يتبعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من خلال رؤيته في التنمية الشاملة 20/30 للمملكة، وهي رؤية يدعمها الاردن منذ الاعلان عنها ايضا في ظل رؤية التحديث الاقتصادي التي انبثقت عن ورشة العمل الاقتصادي ومخرجاتها والتي لقيت استحسانا ودعما من ولي العهد السعودي.
أما البعد السياسي والذي اسهب البيان الختامي في تسليط الضوء عليه، فقد بعث برسالة واضحة لكل مشكك في مواقف البلدين عندما اشار بوضوح لا لبس فيه الموقف من القضية الفلسطينية والملف الايراني هذا كله جاء كرد حقيقي على اللبس الذي كان حاصلا والذي فنده البيان عندما أشار بكل وضوح بأن موقف المملكة العربية السعودية موقفا مبدئي يتماهى بشكل كامل وموحد مع الموقف الاردني فيما يخص القضية الفلسطينية والمرتكزة على حل الدولتين والابقاء على الواقع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة والمرتكزة على الوصاية الهاشمية المطلقة على المقدسات الاسلامية المسيحية في مدينة القدس الشريف وبذلك تكون المملكة العربية السعودية وعلى لسان ولي عهدها محمد بن سلمان قد بعثت برسالة واضحة الى كل عابث في الموقف السياسي للمملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية وقد اكد البيان الختامي ايضا على الموقف الأردني الواضح والصريح بعدم السماح للجمهورية الاسلامية الايرانية بامتلاك السلاح النووي وكف يدها عن التدخل في الشؤون العربية وتجليات ذلك التدخل في الازمة اليمنية والدعوة الى الحوار بين الاطراف على قاعدة وحدة اليمن وشرعيته الدولية.
إن الأردن ومن خلال القدرة الاستشرافية وحكمة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المفدى يعتبر محورا للتكامل والتعاون ضمن اطار سياسة التشبيك بين دول الاقليم والتي اتبعها الاردن بتمهل وروية، ذلك أن جلالة الملك قد تنبه الى أن الازمات الدولية المتعاقبة لن تبقى آثارها ضمن إطار مساحتها الجغرافية، ولكن وبحكم العولمة الدولية بأن أي أزمة في أي منطقة جغرافية في هذا العالم ستنعكس تداعياتها على كل دول العالم، ولهذا فان سياسة التشبيك والتشابك هي الحل الأمثل من سياسة الاشتباك، ولكن هذا التعاون والتكامل لا يعني الابتعاد ولو قيد انملة عن الثوابت القيمية والسياسية للمملكة الاردنية الهاشمية، لأنها رسالة وليست تكتيكا سياسيا مرحليا.
(الراي)