اذا كانت الحكومات لدينا تقول ان لامال لديها لمنحه للناس ، ولا وظائف ، فإن بأمكانها على الاقل التخفيف عن الناس.
آخر عفو عام كان منذ سنوات طويلة ، وكثرة من الناس في هذا البلد تأمل بصدور عفو عام ، دون الاضرار بحقوق الاخرين ، وهو عفو سيؤدي الى شطب الاف القضايا التي يمكن الغاؤها ، وسيمنح الالاف فرصة جديدة في هذه الحياة.
العفو العام ايضا سيُخفف الضغط في السجون ، اذ يتكدس الالاف لقضاء محكومياتهم ، كما سيؤدي الى مراجعة اعداد المطلوبين لجهات عديدة ، بدلا من رقم المائة الف الذي يقال ان عدد المطلوبين تجاوز حده وحدوده.
العفو العام ليس لتكريم المجرم.لكنه اعادة انتاج للانسان ومنحه فرصة جديدة.وحين نتحدث عن العفو العام ، فإن مقصده يشمل اولئك المرضى في السجون ، ومن يعيلون عائلات باعتبارهم المعيل الوحيد.
يشمل ايضاً قضايا الحق العام في جانبها غير المالي ، وحتى المالي ، والغرامات ، ولربما يشمل ايضا مخالفات السير ، وتصنيفات كثيرة ، يمكن التجاوز عنها.
قد يشمل ايضا من ارتكب جنحا وجرائم بسيطة لأول مرة في حياته ، فمن سرق مائة دينار ، لاول مرة ، تبدو كلفة الانفاق عليه في السجن اضعاف ماسرق ، ومن الاولى ان يستتاب ، وان يتم منحه فرصة جديدة في هذه الحياة.
العفو العام اذا تم التوجه لاقراره ، ودراسته بتأن سيؤدي الى اسقاط الاف القضايا ، شريطة عدم الاضرار بحقوق اخرين ، وشريطة ان تكون نيته التخفيف عن اكبر عدد ممكن ، من الناس.
منح المؤسسة الامنية والقضائية فرصة لالتقاط انفاسها ، ايضاً ، امر حيوي ، بدلا من هذا الضغط الهائل على السجون واسماء المطلوبين والتدقيق الامني.
بهذا المعنى تستفيد المؤسسة من العفو ، ايضاً ، مثلما يستفيد الناس ، لاننا نخفف هذه الاثقال المتراكمة عن مؤسسات حساسة.
ليست مطالبة بأطلاق سراح مهربي المخدرات والجواسيس والقتلة ، لكنها مطالبة للتخفيف عن الشعب في القضايا الاخرى العادية ، من قضايا الحق العام مروراً بالمخالفات ، وصولا الى كل المشاكل والجنح البسيطة والعادية.
فوق كل هذا فأن العفو العام يعيد تكريس مضمون فكرة "العفو" بين الناس في ادارة مشاكلهم ، لاننا ان خسرنا موروث العفو والتسامح فيما بيننا ، وتحولنا الى اناس نحاسب بعضنا على الفاصلة والحرف ، سنكون لحظتها قد صرنا بلداً اخراً.
اذا كان الله بعظمته يعفو ويسامح ويرحم ويصفح ، فمن الاولى اذاً ان نسامح نحن ونعفو ونرحم ونصفح عمن اخطأ بحقنا او بحق البلد.
"العفو العام"ملف على مكتب من يهمه الامر..لعل وعسى،،.
mtair@addustour.com.jo