في كل مرحلة قلقة أو متحركة في المنطقة، تخرج التحذيرات البريئة أو غير البريئة التي ترى أن تسويات المنطقة سيكون ثمنها على حساب الأردن وهويته، وكأن هذا البلد خيمة في صحراء تتقاذفها الرياح، وكأنه بلد ليس له أهل وليس فيه مؤسسات تخاف عليه وتعمل لحمايته.
الأردن الجغرافيا والهوية مستهدف من قبل الفكر الصهيوني الذي لا يريد أن يعطي الفلسطيين حقوقهم من أرض وعودة وهوية ،ويعتقدون أن الحل على أرض الأردن بدمج سكان الضفة وجزء من جغرافيتها مع الدولة الاردنية لتصبح هذه الدولة دوله بأغلبية فلسطينية يمارس فيها الفلسطيني حقوقه الوطنية والسياسية على حساب الاردنيين وهوية الاردن.
وهذا الطرح ليس إسرائيليا فقط ،بل هناك من الأشقاء من يتحدث به تحت أسماء حركية كاذبة مثل الكونفدرالية أو الفدرالية، وتحت شعارات شعب واحد، فنحن شعب واحد في علاقتنا لكن في السياسة ومواجهة الاحتلال نحن شعبان وعلى جغرافيا منفصلة لكل شعب وهوية خاصة.
هذه حكاية قديمة جديدة، والأردن يدرك اللعبة وأهلها من الأشقاء والأعداء، ورفضها الحسين رحمه الله، ويرفضها دائما الملك عبدالله ومعه كل أردني، لهذا يدعم الأردن فكرة الدولة الفلسطينية، ويرى الأردنييون أن الدعم الحقيقي للفلسطيني أن يحمل هويته وأن يبقى فلسطينيا وليس مواطنا على أي أرض في العالم .
القصة قديمة، لكن تجدد الحديث عنها يجعلنا نذكر كل هواة الوحدة على الطريقة الإسرائيلية أن العصب الحساس لدى كل أردني هو هوية الدولة والتوطين والوطن البديل مهما كان اسمه "الفني"، وأن الأردن دولة لها قيادة واعية لما يجري، وفيها شعب يعلم جيدا ماذا يريد، ويفرق بين علاقة قوية أخوية مع الأشقاء الفلسطينيين، وبين مشاريع تريد التهام فلسطين والاردن.
نحن لسنا خيمة أو "خربوش" في الصحراء، نحن ندرك من يحمل هذه الافكار، ومن يفرح بها من الأشقاء قبل الاعداء، ولدى الأردنيين ومؤسساتهم المفصلية عقيدة وطنية راسخة في هذا، وصلابة ليست موجهة للأشقاء الفلسطينيين المحبين لبلدهم بل لإسرائيل ومن يتبنى هذا الطرح من حملة اللسان العربي.
شكرا لكل الصادقين الذين يخافون على الأردن، لكن لا تخافوا على الأردن وأهله فقد تجاوزنا عبر قرن من الزمان محاولات كثيرة كانت تسعى لخدمة هذا الطرح، اخرها حكاية صفقة القرن وقبلها صفقات عديدة كانت تحمل أسماء وهمية لا علاقة لها بتحرير فلسطين .