ترتبط ظاهرة الركود التضخمي بالحقب التاريخية حيث رصدت هذه الظاهرة اول مرة سنة 1772 عرفت حينها بازمة الاتمان في لندن بعد انهيار بنك جميس الشهير ومن بعدها جاءت ازمة عرفت بالذعر الكبير سنة 1873 مع انهيار بورصة فينا واستمر الى اكثر من عشرين سنة وكان سببها زيادة سريعة في الانتاجية وارتبطت بحرب بروسيا وفرنسا التي استمرت سبعين سنة.
ومن ثم جاءت من بعد ذلك ازمة سنة 1929 التي عرفت بازمة الكساد الكبير عندما انهارت في الاسواق المالية مع انهيار 4000 بنك في الولايات المتحدة خلال خمس سنوات وهي كانت نتيجة من نتائج الحرب العالمية الاولى وكانت من اسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وفي اوائل سبعينيات القرن الماضي جاءت ازمة الكساد العظيم وهي ازمة كانت مقرونة بحرب اكتوبر الخالدة نتيجة توقف البترول العربي عن التصدير الامر الذي ادى لارتفاع مذهل في مستويات معيشة العالم الغربي وصلت الى حد 30% واخذ في حينها النظام العربي مكانته كقوة مؤثرة جيوسياسية اقليمية.
واما اخر ظاهرة فكانت عام 2008 عندما فقدت الثقة في البنوك بسبب انهيار سوق العقارات بانهيار بنك ليمونز وبدأت ولادة البتكوين كبديل عن البنوك الفرعية ودخل الوطن العربي في مناخات العربي العربي التي بدأت بالتغيير الناعم ومن ثم ظهور داعش والحرب ضد الارهاب ومن بعد ذلك صفقة القرن ومن ثم الوباء والعالم على اعتاب ازمة غذاء تفرضها ازمة أوكرانيا التي ستكون السبب المباشر في ادخال العالم بظاهرة الركود التضخمي.
ويعتبر Stagflation او ما يعرف بالركود التضخمي ظاهرة اقتصادية عميقة تمر على العالم في المفاصل التاريخية ومن اعراضها ازدياد مستويات الاسعار مع ازدياد معدلات البطالة وتباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي واما اسبابها فتعود لاسباب اهتزازات تاريخية تعود لحرب تاريخية وتأتي نتيجة الحروب وزيادة في اسعار النفط والمشتقات البترولية هذا اضافة لزيادة في تكاليف الانتاج وتقليص بمعدلات النمو واما دواعيها فانها ناتجة عن قيام الحكومات بسن تشريعات تقيد عمليات الانتاج واتباع سياسات نقدية توسعية وهذا ما يؤدي لزيادة عرض النقد مما يؤدي ذلك الى تكون ظاهرة تعرف بالركود التضخمي وهي ظاهرة لا تحدث الا عند وجود ازمات قاهرة غير طبيعية وتظهر نتيجة معالجات سياسية تقوم بها الدول للتخفيف من واقع ازمة عميقة استثنائية.
وهذا ما قامت به الحكومة الامريكية في تعاطيها مع التأثيرات الاقتصادية لازمة الوباء ومع انعكاسات حرب اوكرانيا على الواقع الاقتصادي والمعيشي عندما قامت الادارة الامريكية بضخ النقد لدعم العجلة الانتاجية حتى يتسنى للمسارات القطاعية من العودة الى سابق عهدها في التشغيل والانتاجية كما عملت على التعاطي مع ارتفاع اسعار المشتقات البترولية بعد قرارات حصار روسيا الاممية ووقف الاستثمارات الروسية في المجتمعات الغربية وهو ما ادى الى خروج الارصدة الروسية في البورصة الغربية وخروج الاموال الروسية من العملات الافتراضية التي على رأسها البتكوين وهو ادى الى بلورة انكماش طال حركة البورصات العالمية وهي الاسباب الجوهرية التي ادت الى تشكيل ظاهرة الركود التضخمي.
وقد لا تؤثر مناخات الركود التضخمي على بلدان الشرق الاوسط بشكل كبير في العام الحالي وذلك نتيجة العوائد التي ستجنيها
هذه المجتمعات جراء ارتفاع اسعار المشتقات البترولية لكنها في العام القادم سيكون لها تأثيرات كبيرة اذا لم تتظافر جهود المنطقة وتقوم بايجاد برنامج استداركي شامل تشارك فيه دول المنطقة فتقوم على احتواء تبعات هذه الازمة التي شقها الغذائي كما في مجالات الطاقة والسياسات الاقتصادية الجديدة الخاصة في مجال التعاطي مع حالة الاستقطاب الاقليمي السائدة هذه اضافة الى تبعات الازمة المالية مع دخول العملة الافتراضية حيز التعامل الشامل وهي الموضوعات التي كان قد بينها جلالة الملك في عدة مناسبات عندما دعا لاهمية الوقوف عليها للتخفيف من انعكاسات هذه الازمة.
وهذا ما يعول الاردن لانجازه من خلال حراكه السياسي المتصل مع بيت القرار الأمريكي ومع قادة المنطقة وهو يأمل الجميع العمل لاستدراكه في القمة القادمة في جدة كما في المباحثات الاردنية السعودية بين جلالة الملك وولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان هنا في عمان فالاردن في ظل الربيع العربي حصل على الدعم الخليجي المستحق الذي خفف عنه تبعات حالة الركود التضخمي في حينها من خلال شراكة دول الخليج في دعمه وهو يأمل ان يحظى بذات العناوين ليجتاز هذه المرحلة ويبقى يقوم بدور الرئيس في الحفاظ على امن المنطقة وفي المحافظة على مناخات الاستقرار فيها مع اشتداد مناخات الاستقطاب الدولي والاقليمي دخول العالم في اجواء الركود التضخمي.