مصطلح يتردد في الإدارة العامة، ولا سيما في أكاديميات التدريب الإداري ومعاهده، وهو ببساطة متناهية يعني البحث عن حلول إبداعية غير تقليدية للمعضلات والإشكاليات التي تعيق المضي قدما في مسار من المسارات، لكن هذا المصطلح لا يرى النور عندما يتعلق الأمر بالتنمية وخلق الموارد ومعالجة اقتصاد الندرة.
وحتى لا نجانب الصواب ونتجنى على المسؤولين عن إدارة الملف التنموي والاقتصادي في الحكومات المتعاقبة، لا بد من الإشارة إلى أننا بدأنا نحس بإجراءات إبداعية غير تقليدية في توفير الموارد المالية اللازمة لمعالجة شح الموارد وعجز الموازنات، إنها حلول وإجراءات لا تخرج من الصندوق فحسب، بل إنها تدمر الصندوق وتلغيه من الوجود، ذلك الصندوق الذي طالما حلمنا به، الصندوق الذي يحقق شيئا من الاكتفاء وليس الرفاه، حلول تعيدنا مرة أخرى إلى أجواء حصار كورونا، لكنه حصار طوعي هذه المرة، فما أن بتنا نقنع أنفسنا بالتكيف مع سلسلة ارتفاعات على أسعار البنزين، بدأت وستتصاعد في الأيام القادمة حتى صحونا على أخبار ضرائب ورسوم ستفرضها الحكومة على بعض الطرق إن لم تكن كلها تحقيقا للعدالة، حقا إنها حلول إبداعية وغير مسبوقة تترجم عمليا كل ما جلدنا به المسؤولين من خطب وبيانات واستراتيجيات للتعافي الاقتصادي.
والحقيقة المرة التي لا مفر من تصديقها أن كل ما سمعناه وما سنسمعه من المسؤولين ما هو إلا كلام في كلام (خرطي) لا ينطوي على أي رؤية أو مقاربة منهجية علمية، وهو لا يعدو أن يكون مقاربات "دونكيشوتية" وقفزات في الهواء وشراء للوقت وترحيل للأزمات وتلاعب بأعصاب المستبشرين خيرا ومراهنة على الصبر والصمود وخداع وبيع للوهم، فالأوضاع الاقتصادية تتفاقم يوما بعد يوم وما تزال الحكومات بعيدة عن سماع أنين الناس وما تزال هناك هيئات مستقلة ورواتب بالآلاف وما تزال هناك محسوبية ورشاوى سياسية بين الهياكل الرئيسية في الدولة وما يزال الفساد في نماء وازدهار.
ولكن الرهان على سيد البلاد، على جلالة الملك أطال الله بقاءه أن يلقي بكل هؤلاء العجزة الذين استنفدوا كل ما لديهم على قارعة الطريق، فلم يورثونا إلا بوارا، ويسند الأمر إلى أهله من أصحاب الكفاءات والرؤى والمصداقية والنزاهة ممن يقبلون التحدي ويعيدون القطار إلى السكة بعد أن غادرها.