عام دراسي يوشك على الرحيل
د. أميرة يوسف ظاهر
20-06-2022 01:36 AM
على عتبة نهاية العام الدراسي الذي يوشك على الرحيل، يقف سيل عارم من أصحاب العزائم والمكارم المندفعين لخدمة وطنهم متقلدين أدوارهم بهمة ونشاط، ويوازيهم أصحاب المغانم من الموتورين الذين يقفون ليفسدوا ما تحقق للوطن من نتاجات حققتها الأجيال التي يتراكم إنتاجها في خزائن طالما وضعناها لأجل التنمية، ولأجل هذا الجيل الذي يذهب بعيدا عن كل ما يتحقق ويذهب بالمركب إلى سفوح الموجات التي رغبنا عنها بإصرار وعزيمة لا تفتر إلا بمديرين قاصري النظر يفطنون لمكاسبهم الخاصة وينسون خاصرة الوطن، وينهض الوطن بقادة واعين وأصحاب قرارات حكيمة ونظرات واعدة، ذوي قوة وطاقة وفكر وطني نحن إليها أحوج وبها أحوط.
فهذا العام الدراسي ينتهي مختلفا عن ما سبقه في سنة كبيسة خرجت من مخاض صعب بعد اجتياز جائحة لم تكن تقليدية، إذ أرغمت التعليم مضطرا أن يفكر قادته بطرق غير تقليدية، ووجهت مؤسسات دولية على القيام بالتأسيس لطرق جديدة ونهج مختلف في التعليم، وقد تكون كل هذه الكورونا قد كانت توطئة أوجبت التسريع بما سيكون عليه التعليم في المستقبل؛ فالعالم يمر من منعطف مهم إلى أساليب حياتية تتوازى مع التمرين الذي مارسناه أثناء الجائحة ولذلك علينا أن لا نقول أننا نتعافى، ولكن نقول أننا انتهينا من هذا التمرين جاهزين إلى عبور حقبة ما قبل الثورة الرقمية الخامسة، إذ سيكون متاحا للجيل القادم الكثير من الوسائل الإلكترونية كأدوات، والكثير المتنوع من المنصات كحاضنات تحميلية للمحتوى والمضامين لكي نجوب فضاءات الإبداع والابتكار.
وها هي زارة التربية والتعليم تعلن عن مناهج مطورة للتوجيهي وللصفوف الأخرى بشكل جزئي ومتمم لما سبق حتى يتم تغييرها بالكامل في السنوات القادمة، آملة أن يؤدي هذا إلى ما قد يحقق تغييرا كبيرا متوازنا في المختلف عليه بين المحافظين والليبراليين الذين نشطوا كثيرا هذه الأيام، وصار هناك صوتا عاليا لمؤسسات المجتمع المدني المدعومة من منظمات دولية لا تريد لدولة كالأردن أن تحسب على الدول التي يزداد فيها التأثير الأصولي، وتعتبر المناهج من أهم الوسائل التي تعمل على تغيير المحتوى في المنظومة القيمية ذات البنية الدينية، وفيما سنذهب إليه يكون الواقع أكثر مدعاة للاختلاف، وسيتوجب على المؤسسات التعليمية الجامعية أن تكون أكثر استقلالية وأصالة؛ فهي تضم فيما تضم الكثير من المفكرين والتربويين الذين يناصرون الجهة الأكثر ارتباطا بالهوية الوطنية والدينية، وبهذا يمكن التقاط بعض المبادئ التي توازن بين التحديث المفجع والأصالة المفرطة، بحيث تستعيد الدولة هيبتها أمام الوطن الذي يرى أن مواطنيه يحتاجون إلى الكثير من المكتسبات والتمكين في الاتجاه المادي دون أن يبقى معتمدا على مال الآخر الموهوب باسم التنمية، بينما يستهلك وتزداد المديونية.. والأصل أن نمر عابرين من معتمدين إلى منتجين.
ولا نريد من هذا العام الدراسي أن ينتهي ونحن لم نستعد بعد لبرامج ذات بعد تأهيلي مبني على التمكين والتوجه إلى إعمال التفكير في بحث المشكلات وابتكار الحلول، ومع احترامنا للمؤسسات الدينية التي تنشط هذه الأيام التي علينا ألا نشكو من فعاليتها؛ إلا أننا كدولة يجب أن نقوم على مراقبة بعض ما تقدمه هذه المؤسسات، فهناك الكثير ممن يضع السم في الدسم، وهناك الكثير من الأنشطة المرافقة التي يجب أن يكون فيها بعدا تطوعيا وبيئيا للصالح العام، فأين المعسكرات التي كانت تقام قبل عشرات السنين؟ باتت هناك ضرورة ملحة لتقديم برامج مشتركة بين وزارة التربية والتعليم مع وزارت الشباب والأوقاف والثقافة تعتمد فكرة مدارس صيفية تأهيلية، تتبنى الرياضة بأنواعها، وبرامج تدريب على المهارات اللغوية والمطالعة، والتمكين الإلكتروني والتقني، وبرامج تنمية التفكير الإبداعي وأخرى ترفيهية مساندة وغيرها، وكلها تحظى بدعم حكومي وخاص.
وكذلك مع الجامعات لعقد دورات تخصصية فيما يتعلق بالتسهيل على طلبة التوجيهي لفهم أنظمة التحول للتعليم الجامعي والتفكير الخلاق، والقيام بكل ما يلزم لأجل تعليم الطلبة القدرات والمهارات التي تمكنهم من اجتياز المراحل اللاحقة من حياتهم. وبرامج أخرى توجه طلبة الجامعات كمتطوعين يعملون في المدارس الصيفية مقدمين خدمة مجتمعية متحملين مسؤوليتهم المجتمعية نحو أبناء وطنهم الواعدين.