التحالف الأردني السعودي ضرورة إستراتيجية
د.عبدالله القضاة
19-06-2022 08:10 PM
الدور التاريخي للمملكة الأردنية الهاشمية عرضها بدرجة عالية للغاية للصدمات الخارجية، ولعل أهم هذه الصدمات تأثيرات الصراع الإقليمي والذي جاءت أحدث حلقاته من سوريا والعراق، ولهذه الصدمات تأثيرا ضخما عندما تلتقي مع مؤثرات أخرى فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية في الوقت الذي مازالت الدولة تعاني فيه تبعات جائحة كورونا، ولا ننسى أن الأردن يفتقر أصلا إلى الاستثمارات المستدامة الأمر الذي فاقم مستوى البطالة، في ظل غياب التوافق بين المهارات والتوقعات في سوق عمل القطاع الخاص، وتدفق الأردنيين الأكثر مهارة إلى دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع تدفق المهاجرين الأقل مهارة إلى الأردن.
أغلب المؤشرات الاقتصادية المحددة للنمو الاقتصادي يتوقع أن تشهد انخفاضا أو تباطؤا خلال الفترة القادمة جراء الظروف الدولية والأقليمية السائدة، وسينعكس ذلك على أداء الاقتصاد الوطني الذي كان يعاني أصلا قبل هذه الظروف، فيما تشكل المؤشرات السياسية غاية في الخطورة، وبشكل أخص ما شكله إنسحاب القوات الروسية من جنوب سوريا وأثر ذلك على الأمن الوطني الأردني، حيث دق الملك عبدالله الثاني أول ناقوس خطر من انسحاب روسي محتمل من سوريا. حيث قال خلال مقابلته مع معهد هوفر الأمريكي إن "الوجود الروسي في جنوب سوريا مصدر طمأنينة". وأضاف: "ولو رحل الروس، فسيملأ الإيرانيون ووكلاؤهم هذا الفراغ، ونخشى أن يفاقم هذا مشكلاتنا على حدودنا الشمالية".
في ضوء هذه المقاربة المختصرة تأتي أهمية زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للمملكة ولقائه بأخيه الملك عبدالله الثاني لتشكل فرصة إستراتيجية للمملكتين اللتان تواجهان خطر الإختراق الإيراني والذي بدأت تمهد له بالفعل "التهديدات الأمنية" على حدودنا الشمالية من "الميليشيات الإيرانية" المتورطة في تهريب المخدرات، ووفقا لإعلامنا العسكري "نواجه حرباً على الحدود، حرب مخدرات تقودها منظمات مدعومة من جهات أجنبية، وهذه الميليشيات الإيرانية هي الأخطر، لأنها تستهدف الأمن القومي الأردني".
ولا يخفى على أحد أن المستهدف ليس فقط الأردن، بل إضافة إليه، المستهدف أن يكون نقطة العبور لإستهداف الأمن الوطني السعودي بشكل رئيس، نظرا لما تشكله المملكة العربية السعودية الشقيقة من أهمية في قيادة الإسلام السني والتصدي للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.
خيارنا الإستراتيجي الأنسب: التحالف الكامل مع المملكة العربية السعودية، فهي عمقنا الإستراتيجي الرئيس، وهي الدولة التي لم تخذلنا على مدار تأسيس دولتنا الأردنية، والصراع على الأرض السورية لن يحسم بغير تدخل سعودي فاعل لدعم وتمتين جبهتنا الشمالية من أي إختراق لا سمح الله.
قد يكون من المناسب بناء قوة عسرية – أردنية سعودية - مشتركة تشكل درعا قويا على طول الحدود الأردنية السورية وكذلك العراقية، وقد تشكل هذه القوة نواة لحلف عسكري يضم مزيدا من الدول التي تلتقي في مصالحها الوطنية في منع وردع التمدد الإيراني في المنطقة والأقليم على حد سواء.
الأردنيون يتطلعون بأمل كبير لعلاقة متينة مع الشقيقة الكبرى، ولدور أكبر للمملكة العربية السعودية في دعم الإقتصاد الأردني وخاصة قطاع الطاقة، إضافة إلى إقامة الإستثمارات والمشاريع السعودية الكبرى في الأردن، وفتح سوق التوظيف السعودي للكفاءات الأردنية. الأمر الذي سيساهم في تحسين مستوى دخل المواطن الأردني والحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
نرحب في المملكة الأردنية الهاشمية بالضيف الكبير صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية ونتطلع إلى شراكة وتحالف إستراتيجي يؤسس لمرحلة نوعية في العمل العربي المشترك يجني ثماره أبناء المملكتين الشقيقتين.
* امين عام وزارة تطوير القطاع العام ، مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا.
a.qudah@yahoo.com