التعليم والتدريب المهني واحتياجاتنا المطلوبة
فيصل تايه
19-06-2022 01:41 PM
الدعوات المتكررة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين تقودنا باستمرار الى العمل على تطوير بيئة التعليم والتدريب المهني والتقني وتزويد ابنائنا الطلبة بمهارات مستقبلية يحتاجها سوق العمل ، تسهم بخفض نسبة البطالة وتوفر فرص عمل مستقبلية جديدة ، وما هذه الدعوات من لدن جلالته الا رسائل مهمة تدعونا الى بناء ثقافة تضرب بعمق واقعنا لتغيير الثقافة السلبية المرتبطة بالأعمال المهنية وترشد شرائح المجتمع المختلقة الى تغيير الأفكار السائدة والمسيطرة ، ومواكبة المتغيرات التي يشهدها سوق العمل محليا وعالميا .
ان الرؤى الملكية السامية تتضمن باستمرار ضرورة استمرارية تطوير بيئة التعليم والتدريب المهني والتقني ، وتزويد الطلبة ذوي التوجهات المهنية بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل ، وهذا ما كان قد أكده جلالته من خلال الورقة النقاشية السابعة ، ما يتطلب بالضرورة تشجيع الاقبال على التعليم المهني ، والابتعاد عن التركيز في الدراسة على التخصصات الأكاديمية والدفع باتجاه التوجه إلى التدريب المهني والتعليم التقني ، حيث اننا ما زلنا نجد ان الإقبال على التعليم المهني والتقني لا يزال دون الطموح ، رغم اننا نعاني من التخصصات الراكدة والمشبعة والتي ليس لها مستقبل وظيفي ، فما زال العديد من ابائنا وبناتنا يتوجهون لدراستها رغم حالة الركود التي تشهدها ، لكن التخصصات والمهنية والتقنية اصبحت مطلوبة بل ويزاد الطلب عليها بشكل دائم ، حيث تشهد تطورات متسارعة ومتلاحقة تبعاً لما يشهده سوق العمل ، وهذا يتطلب التعاون المستمر مع الجهات صاحبة الاختصاص اضافة الى ضرورة بناء شراكات حقيقية مع أصحاب العمل لفهم أوسع للتخصصات المطلوبة في سوق العمل محليا ودوليا.
يجب ان تترسخ لدينا قناعة تامة أن التعليم والتدريب المهني يشكل رافعة أساسية في حل مشكلة البطالة ما يقودنا انتهاج اليات عمل مناسبة لتحسين البنية التحتية للتعليم والتدريب المهني بما فيها تحديث المشاغل والاهتمام بالجانب التطبيقي ، والانتهاء من تطوير المناهج التعليمية والتدريبية وفتح اختصاصات لها أهمية قصوى تلبي احتياجات سوق العمل ، اضافة الى ضرورة عقد شراكات حقيقية مع القطاع الخاص ، مع أهمية تمكين ابناءنا الطلبة بمهارات جديدة تتناسب مع التطور العلمي والتكنولوجي ، خاصة المهارات الرقمية ، مع ضرورة بناء قدرات المعلمين المدربين القائمين على عملية التعليم والتدريب لمواكبة التطورات التكنولوجية والتقنية وتطوير المناهج بالشراكة مع القطاع الخاص لتتواءم مع متطلباته.
دعوني اؤكد مرة أخرى على ضرورة الرجوع إلى مخرجات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بوصفها منظومة متكاملة عالجت هذه القضايا بشكل شمولي ، حيث اننا نعي أن وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي الدكتور وجيه عويس وهو عراب هذه الاستراتيجية يحمل في جعبته افكارا تطويره هامة متعلقة بالنهوض بهذا النوع من التعليم ، لكن يد واحدة لا تصفق ، فالتعليم والتدريب المهني خيار استراتيجي لمواجهة التحديات التي نعاني منها ، وعلينا تنفيذ السياسات المتعلقة بها ، ما يحتاج الى بلورة نظام تعليمي يعتمد على محور أساسي في استراتيجية التطور والتنمية المستدامة للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية.
كما ولا بد من التركيز على أهمية إدماج التعليم والتدريب المهني عند التخطيط لمستقبل التعليم على الصعيد الوطني ، كي تكون مخرجاته تدريبية وليس مرتبطة بالتعليم الأكاديمي فقط ، مايستدعي ايجاد بيئات عمل تدريبية شبيهة ببيئات العمل الحقيقية ، مع ضرورة التركيز على ايجاد استراتيجية إعلام واتصال قوية تتضمن حملة وطنية تعمل على تغير الثقافة السائدة ، والتشجيع نحو للالتحاق بالتعليم المهني والتقني ، خاصة أن مدارس الفرع المهني التابعة لوزارة التربية والتعليم منتشرة في معظم مناطق المملكة ولديها الكوادر المختصة المتمكنة التي تمتلك القدرة على مواكبة العمل وتطوره باستمرار ، وحبذا لو يكون مسار العليم المهني في المدارس يبدأ من المرحلة الاساسية وليس الثانوية ، بحيث يتمّ تأهيل الطالب بشكل كافٍ لاستيعاب هذه النوعية من التعليم وكي يتمّ صقل قدرات ومعارف الطالب ومهاراته بشكلٍ أفضلَ.
علينا الاستفادة من تجارب الدول الناجحة في هذا المجال من التعليم ، لا سيما ألمانيا ، خاصة نظام "التعليم المزدوج" الذي طبق في بعض دول الجوار كمصر ، فضلًا عن إتاحة فرص استكمال التعليم الجامعي أمام طلبة التعليم المهني والتقني ، كما من الأهمية بمكان استقطاب خبراء مختصين لقيادة أعمال التدريب ، ذلك لإحداث نقلة نوعية في تطوير هذه المنظومة التعليمية المهمة ، كما ولا ننكر اهمية مُساهمة الشركات والمؤسّسات الفاعلة في تطوير منظومة التعليم التقني والفني ، ذلك بإشراكها في عملية تطوير التعليم المهني والتقني ، نظرًا لأهمية مشاركتها باعتبارها المستقبل لمخرجات هذا النوع من التعليم .
وأخيرا فان علينا التركيز الى توفير معايير العمل اللائق التي يشجع ابناءنا على الانخراط في التعليم المهني الذي يضمن لهم مستقبل واعد ، ذلك بتوفير فرص العمل المناسبة بعد التخرج ، والذي من شأنه أن يجعل قطاعات العمل المختلفة جاذبة للجميع ، ما يوفير استمرارية فرص العمل في قطاعات التشغيل المختلفة .
والله ولي التوفيق .