لم يذكر موضوعًا يخص المرأة إلّا وتصدّى له كثيرون في مقدمتهم رجال دين وأخرون من خلفيات ثقافية تقليدية. فالمرأة كما يقولون درع المجتمع وخطه الأحمر أمام"العدوّة سيداو" التي تريد تدمير النسيج المجتمعي وتحريرها المزعوم من أنوثتها وحيائها وربما أخلاقها!
قالوا نحن من حرر المرأة وأنقذها من تخلف المجتمعات عبر التاريخ، وقالوا: المرأة أخت الرجل وعمته وزوجته… الخ، فهي دائما ضمير متصل مضاف إليه وفي محل جر بالإضافة!
وقالوا المرأة مكملة للرجل، أي أنها تكمل ما عنده من فراغات!
كتبت قبل سنوات مقالة بعنوان: إحدى عشرة استراتيجية جديدة ابتكرها الرجال لتهميش المرأة تم نشرها في جريدة الغد في العاشر من شباط عام ٢٠١٨
وقلت لم يستطع مهمِّشو المرأة التذرع بمؤهلاتها المتواضعة لأنها صارت تفوق مؤهلات الرجل، فلجأوا إلى أساليب جديدة حددتها في مقالتي المذكورة، ولم يدر ببالي أننا عدنا إلى منطق تجاوزه الزمن في مقالة في الأول نيوز تصف المرأة حرفيًا: كانت امرأة رائعة: مطيعة وخدومة!!
هذا بالضبط مفهوم المرأة الرائعة
عند رجل دين!!
استفزني الوصف وعلّقت: هذه مقالة رجعية وسطحية وشعبوية، وعلى كاتبها أن يعتذر للنساء!
جاءني الرد بأن النساء يؤيدن ما قال ولديه تسجيلات صوتية بذلك!!
أنا لا أستغرب ما حصل عليه من تأييد! ففي كل مرة يثار موضوع المرأة تتصدّى بعض النساء للإشادة بواقعهن المرير، حتى لو ضُربن! وسُلِبن حقوقهن المشروعة والقانونية، ويقلن نعم هذه عاداتنا وتقاليدنا ما أحلاها!
المهم في الموضوع أن كاتب المقالة المذكورة لم يميز أنني وصفت المقالة بالرجعية ولم أصف الكاتب بذلك! فأي كاتب حتى لو كان تقدميًّا قد يكتب نصًّا رجعيًّا، والعكس قد يكون صحيحًا أحيانًا!
وفي المغالطات وهذا شائع في بلادنا حيث التفكير النقدي مفقود يفترض الشخص مسلمة ما ويصدقها ويبني ردّه وفقًا لها!
سيدي الكاتب-ولن أقول صفته- المرأة الرائعة ليست الخدومة ولا المطيعة! إنها المرأة الواثقة المنتجة المشاركة الباحثة المتوازنة الفاعلة، والمهتمة بذاتها واسرتها ومجتمعها!
أي صورة نريدها؟ أليس من المجحف أن نقول: خادمة مطيعة؟ أنا من يعتذر عن هذا الوصف سيدي!!
الطريق طويل أمام المرأة ولا عزاء لها في هذا الزمن العاثر!