أهلاً بولي العهد السعودي في الأردن
السفير الدكتور موفق العجلوني
17-06-2022 09:49 AM
في اللحظة التي اُعلن عن قيام سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان آل سعود بزيارة الأردن، يتطلع الأردنيون دائماً الى المملكة العربية السعودية الشقيقة والجارة والتي ترتبط مع الأردن بعلاقات تاريخية ممزوجة بكل التقدير والاحترام على مستوى قيادتي البلدين الحكيمتين وعلى مستوى الشعبين الشقيقين والتنسيق المشترك الدائم في القضايا السياسية والتعاون في كافة المجالات بما يخدم المصالح العليا المشتركة للبلدين .
و نحن نلاحظ ديناميكية الحركة لسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين نايف بن بندر السديري شيخ الدبلوماسية في اللقاءات مع كافة الجهات الرسمية والشعبية ، والوفود الرسمية بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين و اخذها الى معارج التقدم والنجاح ، و تأتي زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله تتويجاً لهذه العلاقة التاريخية بين البلدين ، حيث من المتوقع ان يبحث سموه مع جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله وسمو ولي العهد الأمير الحسين حفظه الله خلال هذه الزيارة عددا من القضايا الإقليمية والدولية وفي مقدمها الملف النووي الإيراني والجهود المبذولة على صعيد إنهاء الحرب في اليمن وانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة وتعزيز العلاقات في شتى المجالات.
فعلى الصعيد الداخلي في المملكة العربية السعودية منذ ان تولى سموه ولاية العهد ، و بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ، وهو يواصل الليل بالنهار من أجل خلق ثورة اجتماعية و اقتصادية بهدف تحقيق نهضة تنموية شاملة في المملكة العربية السعودية، حيث طرح سموه رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠، و بدأت تنطلق المبادرات تلو المبادرات، حيث اطلق سموه العديد من المبادرات و الخطط والاستراتيجيات غير المسبوقة في المملكة العربية السعودية و في المنطقة بشكل عام . بنفس الوقت فقط اطلق سموه مبادرة استراتيجية عسير التي اخذت اسمها من إطلالة قممها و شموخ شَممها التي تطل على كافة ارجاء المملكة العربية السعودية والمنطقة وهي تتجلى بثقافتها و تنوعها ووجهها الثقافي والحضاري، حيث سيتم ضخ ٥٠ مليار ريال سعودي عبر استثمارات متنوعة لتمويل المشروعات الحيوية، وتطوير مناطق الجذب السياحي على قمم عسير لتكون عسير وجهة عالمية طوال العام معتمدة في ذلك على مكامن قوتها من ثقافة وطبيعة تجمع بين الأصالة والحداثة، وتسهم في دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي في المملكة العربية السعودية و المنطقة بشكل عام .علاوة على جذب الاستثمارات من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها حيث تسهم في صناعة حراك اقتصادي فعال عبر تفعيل منظومة متكاملة لتسهيل الإجراءات وتعزيز دور السياحة والثقافة كمحركات رئيسية للتنمية الاقتصادية في منطقة عسير. علاوة على ذلك سوف تسهم استراتيجية عسير، استراتيجية القمم والشمم بحلول ٢٠٣٠ في توفير العديد من فرص العمل، إضافة الى رفع جودة الحياة والارتقاء بالخدمات الأساسية والبنى التحتية في المنطقة، التي تشمل الاتصالات والصحة والنقل وغيرها من الخدمات، والتي سوف تنعكس ليس على المملكة السعودية فحسب ولكن على المنطقة بشكل عام.
هذا وقد دأب سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على إطلاق المبادرات والبرامج التي تدعم السعوديين. والمبادرات التي يطلقها سمو ولي العهد متنوعة والغاية منها تمكين الشباب السعودي، ذكوراً وإناثاً، وتوفير الدعم اللازم لهم من أجل أن ينعموا بحياة مستقرة تمكنهم من تحقيق أهدافهم التي تخدم المصلحة العامة للمملكة العربية السعودية. ومن أهم المبادرات الإنسانية الاجتماعية التي أطلقها أيضاً سموه برنامج " سند محمد بن سلمان " الذي لاقى ترحيباً كبيراً من المجتمع السعودي. وهذا البرنامج عبارة عن لفتة إنسانية اجتماعية الغاية منها تأسس روابط مجتمعة وثيقة تمكن السعوديين من التفرغ لتحقيق أحلامهم من دون القلق حول الاحتياجات الرئيسية. والغاية منه تلبية احتياجات فئات متنوعة من المجتمع من أجل مساعدتهم على تحقيق حياة مستقرة وكريمة من خلال مبادرات تنموية واجتماعية ومساندة من خلال الدعم المادي والمعنوي ودعم أواصر الاستقرار الاجتماعي وتحقيق السعادة للمجتمع السعودي.
علاوة على إطلاق مشروع مسك بهدف تمكين الشباب والشابات السعوديات عن طريق منحهم فرصاً مختلفة لتشجيع التبادل الثقافي والعلمي وغيره بين الشباب في المملكة العربية السعودية السعودية والعالم. وتمكين المجتمع في مجالات الحياة كافة والتقدم على أعلى المستويات في مجال الأعمال والأدب والثقافة والعلوم الاجتماعية والتكنولوجية، عن طريق إنشاء حاضنات لتطوير وإنشاء وجذب مؤسسات عالية المستوى، وتوفير البيئة التنظيمية لها. وفي هذا السياق فقد عقدت مسك شَراكات عديدة مع مؤسسات دولية مثل مؤسسة بيل ومليندا غيتس الخيرية العالمية.
بنفس الوقت يأتي اعلان سمو الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس إدارة شركة نيوم، إطلاق مشروع مدينة " ذا لايThe Line " في نيوم، على البحر الاحمر كأنموذج لما ستكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلا، و إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة. حيث من المتوقع ان تضم مدينة " ذا لاين The Line " مجتمعات إدراكية مترابطة ومعززة بالذكاء الاصطناعي على امتداد ١٧٠ كم ضمن بيئة بلا ضوضاء أو تلوث، وخالية من المركبات والازدحام، واستجابة مباشرة لتحديات التوسع الحضري التي تعترض تقدم البشرية، مثل البنية التحتية المتهالكة، والتلوث البيئي، والزحف العمراني والسكاني . و يأتي هذا المشروع الضخم بهدف تحقيق أهداف رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ على صعيد التنويع الاقتصادي من خلال توفير ٣٨٠ ألف فرصة عمل، والمساهمة بإضافة ١٨٠ مليار ريال (٤٨ مليار دولار أمريكي) إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام ٢٠٣٠ .
حيث يرى سموه انه يجب تجديد مفهوم المدن الحالي لما تشهده من انعكاسات سيئة على البيئة إلى مدن مستقبلية، من خلال مشروع " ذا لاين " و الذي من المتوقع ان يعيد مفهوم التنمية الحضرية من خلال تطوير مجتمعات يكون فيها الإنسان محورها الرئيسي، مما يعزز جودة الحياة، ويضمن الوصول إلى كافة مرافق الخدمات الأساسية بما في ذلك المراكز الطبية , والمدارس , ومرافق الترفيه , بالإضافة إلى المساحات الخضراء في غضون ٥ دقائق سيراً على الأقدام , وستجعل حلول المواصلات الفائقة السرعة التنقل أسهل , إذ من المتوقع ألا تستغرق أبعد رحلة في “ذا لاين” ٢٠ دقيقة فقط , مما سيوفر معيشة قائمة على التوازن بين بيئة أعمال حاضنة للابتكار , وجودة حياة استثنائية للسكان. ويُعد مشروع نيوم أحد المشروعات العملاقة ضمن المحفظة الاستثمارية المتنوعة لصندوق الاستثمارات العامة.
ويعتبر مشروع نيوم فرصة تاريخية للأردن في المجال الاقتصادي وخاصة امام القطاع الخاص الأردني الذي يمتلك من الخبرات ما يؤهله للمنافسة على جميع المستويات. بنفس الوقت سيكون فرصة امام الأردنيين بالحصول على فرص عمل وافرة في المشروع أثناء وبعد التنفيذ. ومن المؤكد أن المنشآت التي سيتم تدشينها ستحتاج لآلاف العاملين لتشغيلها، وهنا لابد من الاستعداد منذ الآن لتوفير الكوادر المتخصصة بمختلف المجالات وتأهيلهم للمنافسة على الوظائف. ها هو مشروع نيوم وخاصة مدينة " ذا لاين The Line " يحي الأمل بنهضة تحرك السياحة وعديد القطاعات الاستثمارية المستقبلية.
هذا ومن المتوقع ان ينعكس هذا المشروع الضخم على التنمية الشاملة في المنطقة ودول مجلس تعاون الخليج العربية والاردن ومصر والعديد من دول المنطقة. هذه هي رؤيا المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ والتي سوف تنعكس بالخير و التقدم و الازدهار ليس على المملكة العربية السعودية فحسب ، و انما على الدول العربية الشقيقة ومنطقة البحر الاحمر و تكون منطقة جذب استثماري عالمي وانموذجاً يقتدى به لدول العالم.
من هنا جاءت رؤية ٢٠٣٠ بهدف نقل المملكة العربية السعودية إلى مرحلة ما بعد النفط تقوم على ركائز عديدة كلها تهدف إلى تمكين السعوديين ورسم مستقبل أفضل لهم وللبلاد. وتمثل هذه الرؤيا برنامج التحول الوطني، برنامج الإسكان وبرنامج تطوير القطاع المالي وبرنامج جودة الحياة، وبرنامج التخصيص، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة وبرنامج تحقيق التوازن المالي. وهي الحلم السعودي الكبير القائم على اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح.
و نظراً للعلاقات التاريخية ووشائج القربي التي تربط المملكة الأردنية الهاشمية و المملكة العربية السعودية قيادة و حكومة و شعباً، والتعاون بين المملكتين الشقيقتين بتوجيهات القيادتين الحكيمتين، يمكن تعزيز التعاون بين الأردن والسعودية في مجال الخبرات و خاصة في المجال السياحي والفني والتقني، و يمكن ان يكون للأردن دوراً في هذه المبادرات و المشاريع الرائدة . و هنا لا بد من توجيه كلمة شكر خاص لسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في الأردن نايف بن بندر السديري، على الدور الرائد في تعزيز العلاقات و في كافة المجالات بين المملكتين الشقيقتين، وها هو سعادته يواصل الليل بالنهار لتعزيز هذه العلاقات و على كافة المستويات، و لا بد من الإشادة بدور سعادة السفير الاجتماعي في العطل الرسمية و عطل نهاية الأسبوع في زيارة المناطق التاريخية في الأردن و في استقبال القامات الأردنية من مختلف القطاعات العلمية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدبلوماسية في منزل السفارة لتعزيز التعاون في كل الاتجاهات التي تخدم البلدين الشقيقين.
يشاركني كافة الأردنيين بالترحيب بسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ضيفاً عزيزاً على أخيه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي العهد الأمير الحسين حفظهما الله و في بلده الثاني الأردن ، متطلعين ان شاء الله الى نتائج هذه الزيارة على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وانعكاسها على امن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم ، لما لكل من المملكة العربية السعودية و المملكة الأردنية الهاشمية المكانة المرموقة على المستوى الدولي و الموقع الجيو-استراتيجي في وسط العالم و أهمية الدور العالمي لكل من السعودية والأردن وخاصة ان المواقف الأردنية والسعودية تجاه القضايا الدولية و الامن والسلم العالمي متطابقة ١٠٠ ٪.